الرِّحَابُ وَأَنْتَ فِي الْمَضِيقِ، وَقَدْ بَقِيَ الْقَلِيلُ وَتَغُصُّ بِالرِّيقِ، وَتُعَايِنُ زَفِيرَ الْمَوْتِ وَتُعَالِجُ الشَّهِيقَ، وَيَبْطُلُ الْقَوِيُّ وَيَخْرَسُ الْمِنْطِيقُ، وَتُغْمَسُ فِي بَحْرِ التَّلَفِ وَمَنْ لِلْغَرِيقِ، وَيَخْلُو بِبَدَنِكَ الدُّودُ لِلتَّقْطِيعِ وَالتَّمْزِيقِ، وَخَرِبَ الْحِصْنُ وَحُطِّمَ الْغُصْنُ الْوَرِيقُ، وَخَلَوْتَ بِأَعْمَالِكَ وَتَجَافَاكَ الصَّدِيقُ، فَإِذَا قُمْتَ مِنْ قَبْرِكَ فَمَا تَدْرِي فِي أَيِّ فَرِيقٍ، يَا مُعْرِضًا كُلَّ الإِعْرَاضِ عَنِّي، كَمْ رَسُولٍ قَدْ أَتَاكَ مِنِّي، وَيْحَكِ عَنِّي أُمْنِيَةَ الْمُتَمَنِّي، أَتُصِرُّ عَلَى مَعْصِيَتِي وَتَقُولُ ظَنِّي، أَتَنْقُضُ عَزْمَكَ مَعِي وَمَعَ الْعَدُوِّ تَبْنِي، أَتَتْرُكُ كَلامِي وَتَخْتَارُ أَنْ تُغَنِّيَ، يَالَ لِلْهَوَى كَمْ صَارَ بِشِرْكِهِ، كَمْ عَقِلَ عَقْلا فَدَارَ فِي فُلْكِهِ، كَمْ غَيَّرَ نُورًا مِنَ الْهُدَى بِحُلْكِهِ، كَمْ بَطَّلَ بَطَلا فِي حَرْبِهِ وَمُعْتَرَكِهِ، كَمْ أَبْكَى مَغْرُورًا بَعْدَ لَهْوِهِ وَضَحِكِهِ، كَيْفَ يَفْرَحُ مَنِ الْمَوْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَيْفَ يَلْهُو مَنْ مَالُهُ بَلاءٌ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يَغْفَلُ وَرُسُلُ الْمَوْتِ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، كَيْفَ يَلْتَذُّ بِوَطَنِهِ مَنْ يَرَى اللَّحْدَ بِعَيْنَيْهِ:
(إِنِّي أُبِثُّكَ مِنْ حَدِيثِي ... وَالْحَدِيثُ لَهُ شُجُونُ)
(غَيَّرْتُ مَوْضِعَ مَرْقَدِي ... لَيْلا فَنَافَرَنِي السُّكُونُ)
(قُلْ لِي فَأَوَّلُ لَيْلَةٍ ... فِي الْقَبْرِ كَيْفَ تُرَى تَكُونُ؟!)
الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً} المراد بالماء ها هنا الْمَطَرُ. وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرِّيحَ سببا لإثارته فقال عز وجل: {الله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا} وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزَعِجُ إِذَا رَأَى الرِّيحَ أَوِ الْغَيْمَ.
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute