لمّا قَدِم سيف بن ذي يزن الحِميري على كِسرى أَجلسه معه ثم دعا بالشراب، فسقاه كأْساً، فأَخذها فصبّها على رأْسه، فأَنكر كسرى ذلك، فقال: أَيّها الملك، إنِّي نذرت أَلا أَشربَ شَراباً حتى أُدرِكَ بِثأْرِي، ولمْ أَرَ مَوْضِعاً مني اكرَم عليَّ من رأسي.
(١٠) وأَنشَدَ الأَصمعي:
رويدَك يا قُمْرِيٌّ لَسْتَ بمضْمِرٍ ... من الشَّوق إلا دُونَ ما أَنا مُضْمِرُ
لَئِنْ كانت الدُّنيا أَغَبَّت إساءةً ... لَمّا أحسْنَتْ في سالِف الدَّهر أكثرُ
(١١) وعن الأَصمعي قال: قال بعضُ الحكماءِ: اصطناع المعروف في الدنيا يَقِي مَصارع السُّوء.
(١٢) قال: وكان عبدُ الملك بنُ مَرْوان يقول: لأَن أُخطِئ وقد استشرت أحبّ إلىّ من أَن أُصيب برأْيٍ، وقد وَثِقْتُ بِرَأْيي وقد اصبت من غير مَشورة، فإن المُمْضِيَ رَأْيَه يُزري