للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الراذانين. وكاشف ابني الفرات فيما اقتطعاه واجتذباه من الضياع السلطانية، وحسن أثره عند القاسم بن عبيد الله، فنقله إلى الإشراف على أعمال واسط نقلاً كان من سببه أن كان القاسم سيء الرأي في أبي العباس بن الفرات. فقال لأبي الحسن علي بن عيسى: قد كثرت ضياع ابني الفرات بنواحي واسط، واستضافا إليها ضياعاً سلطانية، وصارا يأخذان لمصالحهما نحو عشرين ألف دينار في السنة، وأريد رجلاً حصيفاً أرد إليه الإشراف على هذه النواحي وأُعول عليه في كشف ضياع ابني الفرات، وإثارة الفضل الذي في أيديهما، وآمن عنده محاباةً لهما وخوفاً منهما، فهل في أهلنا من يصلح لذلك؟ فوصف له أبا إسحاق بالشهامة والاستقلال، واستحضره وقلده، وانحدر وجد في النظر والكشف، وواصل كتب الكتب بما وقف عليه وعرفه، وعمل الأعمال بما اثاره واستدركه، فكان من ذلك عمل ما يقبضه وكلاء ابن الفرات لمصالح ضياعهما بواسط، وهو زيادة على عشرين ألف دينار في السنة، وعمل آخر لما اقتطعاه من ضياع السلطان وأضافاه إلى أملاكهما، وهو نيف وثلاثون بيدراً، منها بيدر يعرف باليهودي، ارتفاعه نحو الخمسين ألف درهم. وعاد إلى الحضرة وعرض الأعمال على القاسم، فقال له: تواقف ابن الفرات على أعمالك هذه؟ فقال: ما عملتها لأسترها وأخاف المناظرة عليها. فأحضره وقد حضر أبو العباس بن الفرات، وواقفه في المجلس مواقفة ألزمه فيها مالاً كثيراً، فرأى القاسم من أبي إسحاق صرامةً عجيبةً، وتبين ابن الفرات من القاسم إنكاراً همته نفسه معه.

<<  <   >  >>