وزاد مسلم وأبو القاسم البغوي في الموضعين الأول والثالث والبيهقي: قلت له: ما نواحيها؟ أفي زواياها؟ قال: بل في كل قِبْلةٍ من البيت. ولفظ أبي القاسم البغوي في الموضع الرابع: أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُصَلِّ في البيت. ولفظ آخر حديث ابن حبان: حتى خرج عند الباب، وقال: "هاهنا قِبْلة فصلِّه". وسيأتي بنحوه برقم (٢١٨٣٠) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء، عن أسامة. قلنا: وقد سلف عن ابن عباس في مسنده (٢١٢٦) وغيره: أن النبيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل البيت ولم يصل فيه. ولم يأثُره عن أسامة بن زيد. وقد جاء عن أُسامة ما يخالف ظاهر رواية ابن عباس عنه، فقد روى عنه ابن عمر فيما سيأتي برقم (٢١٧٨٠) و (٢١٨٠١) : أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى في البيت، وسنده صحيح. وانظر أيضاً (٢١٧٥٩) . فسلك بعض أهل العلم مسلك الجمع بينهما، وهو الأرجح من ردّ أحدهما بالآخر، فقال ابن حبان في "صحيحه" ٧/٤٨٣: والأشبهُ عندي الفصلُ بين هذين الخبرين بأن يُجعلا في فعلين متباينين، فيُقال: إن المصطفى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فتح مكة دخل الكعبة فصلَّى فيها على ما رواه أصحاب ابن عمر عن بلال وأُسامة ابن زيد، وكان ذلك يوم الفتح، كذلك قاله حسان بن عطية عن نافع، عن ابن عمر، ويُجعل نفي ابن عباس صلاةَ المصطفى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الكعبة، في حجته التي حج فيها، حتى يكون فعلان في حالتين متباينتين، لأن ابن عباس نفى الصلاة في الكعبة عن المصطفى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزعم أن أُسامة بن زيد أخبره بذلك، وأخبر أبو الشعثاء عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في البيت، وزعم أن أُسامة بن زيد أخبره بذلك، فإذا حُمل الخبران على ما وصفنا في الموضعين المتباينين بَطَلَ التضادُّ بينهما، وصح استعمال كل واحد منهما. وانظر "الفتح" ٣/٤٦٨-٤٦٩.