للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التهمة إلى الحاكم الحسّي والعقلي، فوجب التوقف في الكل. فإذا قيل لهم لقد قطعتم في هذه القضية فقد ناقضتم كلامكم بكلامكم. قالوا كلامنا هذا لا يفيدنا قطعا فيتناقض كما توهمتم، بل يفيدنا شكّا فأنا شاك وشاك أيضا في أني شاكّ وهلم جرّا، فلا تنتهي الحال إلى قطع شيء أصلا فيتم مقصودنا بلا تناقص. وثانيتها العنادية وهم الذين يعاندون ويدّعون أنهم جازمون بأن لا موجود أصلا فهم ينكرون ثبوت الحقائق وتميزها في أنفسها في نفس الأمر مطلقا بتبعية الاعتقاد وبدونه فالحقائق عندهم كسراب يحسبه الظمآن ماء، وليس لها ثبوت أصلا. ويرد عليهم أنّكم جزمتم بانتفاء الأحكام فناقضتم كلامكم. وثالثتها العندية وهم قائلون بأنّ حقائق الأشياء تابعة للاعتقادات دون العكس فهم ينكرون ثبوتها وتميّزها في نفس الأمر مع قطع النظر عن اعتقادنا، أي لو قطع النظر عن الاعتقادات ارتفعت الحقائق بالمرة لعدم بقاء تميّز بعضها عن بعض. لكنهم يقولون بثبوتها وتقرّرها بتبعية الاعتقاد وتوسّطها كالمسائل الاجتهادية عند من يقول كلّ مجتهد مصيب. فعلى هذا، السوفسطائية قوم لهم نحلة ومذهب تنشعبون إلى هذه الطوائف الثلاث.

وقيل لا يمكن أن يكون في العالم قوم عقلاء ينتحلون هذا المذهب، بل كلّ غالط سوفسطائي في موضع غلطه، فإنّ سوفا بلغة اليونانيين اسم للعلم وإسطا اسم للغلط فسوفسطا معناه علم الغلط، كما أنّ فيلا بلغتهم اسم للمحبّ وسوفا اسم للعلم وفيلسوف معناه محبّ العلم، ثم عرّب هذان اللفظان واشتقّ منهما السفسطة والفلسفة، والسفسطي والفلسفي منسوبان إليهما.

هكذا يستفاد من شرح المواقف في آخر المرصد الرابع من الموقف الأول وغيره.

السّفلية:

[في الانكليزية] Inferior planets (moon ،Venus ،Mercury)

[ في الفرنسية] Les planetes inferieures (lune ،Venus ،Mercure)

بالكسر وهي الزهرة وعطارد وقد يسمّى الزهرة وعطارد والقمر بالسّفلية وتجيء في لفظ الكوكب.

السّفه:

[في الانكليزية] Stupidity ،lightness

[ في الفرنسية] Sottise ،legerete

بفتح السين والفاء في اللغة وهو الخفة والحركة والاضطراب ومنه هو سفيه أي مضطرب. وعند الفقهاء والأصوليين عبارة عن خفة تعتري الإنسان فتبعثه على العمل بخلاف موجب العقل والشرع. والسّفيه من به تلك الخفة والاضطراب. وعلى هذا المعنى يبني الفقهاء منع المال من السفيه ووجوب الحجر ونحو ذلك. وقال فخر الإسلام هو العمل بخلاف موجب الشرع من وجه واتّباع الهوى وخلاف دلالة العقل. وإنما قال من وجه لأنّ التبذير أصله مشروع وهو البرّ والإحسان، إلّا أنّ الإسراف حرام كالإسراف في الطعام والشراب. وعلى ظاهر تفسيره يكون كلّ فاسق سفيها لأنّ موجب العقل أن لا يخالف الشرع للأدلة القائمة على وجوب الاتّباع، والفرق بين السّفه والعته ظاهر، فإنّ المعتوه يشابه المجنون في بعض أفعاله وأقواله، بخلاف السّفيه فإنّه لا يشابه المجنون لكن تعتريه خفّة فيتابع مقتضاها في الأمور من غير رويّة وفكر في عواقبها ليقف على أنّ عواقبها مذمومة أو محمودة. وفسر السّفه بعضهم بأنّه السّرف والتبذير أي تفريق المال على وجه الإسراف يعني بغير ملاحظة النفع الدنيوي والديني. وقال بدر الدين الكردري «١»: السّفه ما لا غرض فيه أصلا،


(١) هو عبد الغفور بن لقمان بن محمد، شرف القضاة، تاج الدين ابو المفاخر الكردري. توفي بحلب عام ٥٦٢ هـ/ ١١٦٧ م.
من أئمة الحنفية، قاض. له عدة مؤلفات هامة. العلام ٤/ ٣٢، الفوائد البهية ٩٨، الجواهر المضية ١/ ٣٢٢.