(٢) أخرجه مسلم رقم (٥٣٤)، وأبو داود رقم (٦١٣)، والنسائي رقم (٨٠٠). قال الزيلعي في «نصب الراية»: (٢/ ٣٣ - ٣٤): «قال المنذري في مختصره: قال ابن عبدالبر (التمهيد ١/ ٢٦٧): هذا الحديث لا يصح رفعه، والصحيح عندهم التوقيف على ابن مسعود، أنه صلى كذلك بعلقمة والأسود. قال: وهذا الذي أشار إليه أبو عمر قد أخرجه مسلم في «صحيحه» أن ابن مسعود صلى بعلقمة، والأسود، وهو موقوف، وقال بعضهم: (ونقل كلام الحازمي الآتي ذكره قريبًا). ثم نقل نحوه عن النووي. =
= قلت: كأنهما ذهلا، فإن مسلمًا أخرجه من ثلاث طرق، لم يرفعه في الأوليين، ورفعه في الثالثة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال فيه: هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والدليل عليه (ونقل كلام الترمذي المتقدم). ورواه البيهقي وأحمد من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، قال: دخلت أنا وعلقمة على ابن مسعود بالهاجرة، فلما زالت الشمس أقام الصلاة، فقمت أنا وصاحبي خلفه، فأخذ بيدي وبيد صاحبي، فجعلنا عن يمينه. ويساره، وقام بيننا، وقال: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع إذا كانوا ثلاثة، انتهى. وضُعِّف بابن إسحاق، وقد عنعن، وهو مدلس.
وأجيب عن حديث ابن مسعود هذا بثلاثة أجوبة أحدها: أن ابن مسعود لم يبلغه حديث أنس في صلاته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - واليتيم. الثاني: أنه كان لضيق المسجد ... والثالث: ذكره البيهقي في «المعرفة» (٢/ ٣٧٩)، قال: وقد قيل: إنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأبو ذر عن يمينه، كل واحد يصلي لنفسه، فقام ابن مسعود خلفهما، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فظن عبد الله أن ذلك سنة الموقف، ولم يعلم أنه لا يؤمهما، وعلمه أبو ذر، حتى قال، فيما روي عنه: يصلي كل رجل منا لنفسه، وذهب الجمهور إلى ترجيح رواية غيره على روايته بكثرة العدد، والقائلين به، وبسلامته من الأحكام المنسوخة، انتهى. وقال الحازمي في كتابه «الناسخ والمنسوخ» (١/ ٤٠٧): وحديث ابن مسعود منسوخ، لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو بمكة، وفيها التطبيق، وأحكام أخرى هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة تركه، بدليل ما أخرجه مسلم (٣٠١٠) عن عبادة الوليد عن جابر (وقد سبق الحديث) قال: وهذا دال على أن هذا الحكم هو الآخر، لأن جابرًا إنما شهد المشاهد التي كانت بعد بدر، ثم في قيام ابن صخر عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا دلالة على أن الحكم الأول كان مشروعًا، وأن ابن صخر كان يستعمل الحكم الأول حتى منع منه، وعرف الحكم الثاني» انتهى كلام الزيلعي بتصرف. وما بين الأقواس من تعليقي.