للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتوى، فلعله شاهَده في تلك الصلاة لم يرفع يديه لعذر، أو لنسيان وذهول، أو لبيان أن الرفع ليس بفرض، بل يجوز تركه، فقد كان عمر رضي الله عنه حريصًا ألّا تلتبس الفرائض بالمستحبَّات، وقد كان يترك التضحية خشية أن يظن الناس وجوبَها (١).

وإذا احتمل فعلُه هذه الوجوه فكيف يُقدَّم على الأحاديث الصحيحة الصريحة في الرفع! وهل هذا إلا عدولٌ عن موجب الدليل إلى ما ليس بدليل؟

ومن العجب العُجاب [ق ٦٥] ردّكم لحديثه أيضًا بأن أعلم الناس بشعبة ــ وهو غُنْدَر ــ رواه عن الحكم بن عُتيبة (٢)، عن طاووس، عن ابن عمر، عن عمر: أنه كان يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع رأسَه من الركوع. لم يُجاوز به عمر. يعني أنه موقوف عليه (٣).

فيا لله العجب! أين هذا من قولكم: إن الثابت عن عمر ترك الرفع، وكان عذركم (٤) أنكم رددتم المرفوع عنه بالموقوف عليه، ثم رددتم الموقوف عليه بالرواية الأخرى التي تخالفه. وهكذا رأينا المنتصرين منكم لعدم الرفع قد فعل. فهلّا رددتم رواية الترك برواية الرفع، ثم وفَّقتم


(١) أخرج عبدالرزاق: (٤/ ٣٨١)، والطحاوي في «شرح المعاني»: (٤/ ١٧٤)، والبيهقي: (٩/ ٢٦٥) من حديث أبي سَريحة الغفاري قال: أدركت أبا بكر وعمر لا يضحيان. وفي رواية: كراهة أن يُقتدى بهما.
(٢) مهملة النقط في الأصل، و (ف): «عيينة» تحريف.
(٣) انظر (ص/١٩٤).
(٤) (ف): «عندكم» خطأ.