للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلّ على أن فعل العبد للشكر قد يكون أفضل من بعض مفعول اللَّه، وفعل العبد هو مفعول اللَّه، ولا ريب أن بعض مفعولاته أفضل من بعض.

وقال بعض أهل العلم: "لَنِعَم اللَّه علينا فيما زوى عنّا أفضل من نعمه علينا فيما بسط لنا منها، وذلك أن اللَّه لم يرضَ لنبيه الدنيا، فأنْ أكون فيما رضي اللَّه لنبيه وأحبّ له أحبّ إليّ [أن أكون] (١) فيما كره له وسخطه" (٢).

قال ابن أبي الدنيا: وبلغني عن بعض العلماء أنه قال: "ينبغي للعالم أن يحمد اللَّه على ما زوى عنه من شهوات الدنيا، كما يحمده على ما أعطاه. وأين يقع ما أعطاه والحساب يأتي عليه، إلى ما عافاه ولم يبتلِه به، فيشغل قلبه، ويتعب جوارحه؟ فيشكر اللَّه على سكون قلبه وجمع همّه" (٣).

وحدِّثت (٤) عن ابن أبي الحواري قال: جلس فضيل بن عياض وسفيان ابن عيينة ليلة إلى الصباح يتذاكران النعم، فجعل سفيان يقول: "أنعم اللَّه علينا في كذا، أنعم اللَّه في كذا، فعل بنا كذا، فعل بنا كذا" (٥).

وحدثنا (٦) عبد اللَّه بن داود عن سفيان في قوله: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من النسخ الثلاث الأخرى.
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" رقم (١١٢)، والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٤٤٨٩). وسيأتي نحوه عن أبي حازم.
(٣) "الشكر" لابن أبي الدنيا رقم (١١٣).
(٤) المُحَدَّث هو: ابن أبي الدنيا.
(٥) "الشكر" لابن أبي الدنيا رقم (١١٤).
(٦) في "الشكر" لابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن يحيى بن أبي حاتم أنبا عبد اللَّه =

<<  <  ج: ص:  >  >>