وقيل: النداء لآدم على الحقيقة ولم يرو قط أنّ الله كلم حواء والنداء هو دعاء الشّخص باسمه العلم أو بنوعه أو بوصفه ولم يصرّح هنا بشيء من ذلك والجملة معمولة لقول محذوف أي قائلاً: ألم أنهكما وهو استفهام معناه العتاب على ما صدر منهما.
قيل: ألم أنهكما عن تلكما فأشير إلى الشجرة باللفظ الدّال على البعد والإنذار بالخروج منها {وأقلّ لكما} إشارة إلى قوله تعالى: {فقلنا يا آدم إنّ هذا عدوّ لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} .
ولنكوننّ جواب قسم محذوف قبل {إن} كقوله {وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنّ} التقدير والله إن لم يغفر لنا وأكثر ما تأتي إنّ هذه ولام التوطئة قبلها كقوله {لئن لم ينته} .
{قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} . هذا كالتفسير لقوله {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} أي بالحياة إلى حين الموت ولذلك جاء قال بغير واو العطف إذ الأكثر في لسان العرب إذا لم تكن الجملة تفسيرية أو كالتفسيرية أن تعطف على الجملة قبلها فتقول قال فلان كذا، وقال كذا وتقول زيد قائم وعمرو قاعد ويقل في كلامهم قال فلان كذا قال كذا وكذلك يقل زيد قائم عمرو قاعد وهنا جاء {قال اهبطوا} الآية {قال فيها تحيون} لما كانت كالتفسير لما قبلها وتمم هنا المقصود بالتنبيه علي البعث والنشور بقوله {ومنها تخرجون} أي إلى المجازاة بالثواب والعقاب وهذا كقوله {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} . وقرأ الأخوان وابن ذكوان {تخرجون} مبنياً للفاعل هنا وفي الجاثية والزخرف وأوّل الروم وعن ابن ذكوان في أوّل الروم خلاف، وقرأ باقي السّبعة مبنياً للمفعول.