وقال ابن عطية معناه ماذا أجابت به الأمم، ولم يجعل ما مصدراً بل جعلها كناية عن الجواب، وهو الشيء المجاب به لا للمصدر، وهو الذي عنى الزمخشري بقوله ولو أريد الجواب لقيل بماذا أجبتم. وقال الحوفي ما للاستفهام وهو مبتدأ بمعنى الذي خبرها وأجبتم صلته والتقدير ماذا أجبتم به انتهى، وحذف هذا الضمير المجرور بالحرف يضعف لو قلت جاءني الذي مررت تريد به كان ضعيفاً إلا إن اعتقد أنه حذف حرف الجر أولاً فانتصب الضمير ثم حذف منصوباً ولا يبعد. وقال أبو البقاء ماذا في موضع نصب بأجبتم وحرف الجر محذوف أي بماذا أجبتم وما وذا هنا بمنزلة اسم واحد ويضعف أن يجعل ذا بمعنى الذي هنا لأنه لا عائد هنا وحذف العائد مع حرف الجر ضعيف انتهى، وما ذكره أبو البقاء أضعف لأنه لا ينقاس حذف حرف الجر إنما سمع ذلك في ألفاظ مخصوصة ونصوا على أنه لا يجوز زيداً مررت به تريد بزيد مررت ولا سرت البيت تريد إلى البيت إلا في ضرورة شعر نحو قول الشاعر:
تحن فتبدي ما بها من صبابة
وأخفى الذي لولا الأسى لقضاني
يريد لقضي عليّ فحذف عليّ وعدى الفعل إلى الضمير فنصبه.
وقرأ علام بالنصب وهو على حذف الخبر لفهم المعنى فيتم الكلام بالمقدر في قوله {إنك أنت} أي إنك الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره. وقال الزمخشري ثم نصب {علام الغيوب} على الاختصاص أو على النداء أو صفة لاسم إن انتهى. وهذا الوجه الأخير لا يجوز لأنهم أجمعوا على أن ضمير المتكلم وضمير المخاطب لا يجوز أن يوصف وأما ضمير الغائب ففيه خلاف شاذّ، للكسائي. وقرأ حمزة وأبو بكر الغيوب بكسر الغين حيث وقع كأنّ من قال ذلك من العرب قد استثقل توالي ضمتين مع الياء ففر إلى حركة مغايرة للضمة مناسبة لمجاورة الياء وهي للكسرة.