للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "ولهما١ عن زيد بن خالد قال: " صلى لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب " ٢".

زيد بن خالد الجهني صحابي مشهور، مات سنة ثمان وستين، وقيل: غير ذلك، وله خمس وثمانون سنة.

قوله: "صلى لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم" أي بنا، فاللام بمعنى الباء. قال الحافظ: وفيه إطلاق ذلك مجازا، وإنما الصلاة لله.

قوله: "بالحديبية" بالمهملة المضمومة وتخفيف يائها وتثقل٣.

قوله: "على إثر سماء كانت من الليل" بكسر الهمزة وسكون المثلثة على المشهور: وهو ما يعقب الشيء.

قوله: "سماء" أي مطر؛ لأنه ينزل من السحاب، والسماء يطلق على كل ما ارتفع.

قوله: "فلما انصرف" أي من صلاته، أي التفت إلى المأمومين، كما يدل عليه

قوله: "أقبل على الناس" ويحتمل أنه أراد السلام.

قوله: "هل تدرون" لفظ استفهام ومعناه التنبيه. وفي النسائي: " ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة؟ "٤. وهذا من الأحاديث القدسية. وفيه إلقاء العالم على أصحابه المسألة ليختبرهم.

فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من

قوله: "قالوا الله ورسوله أعلم" فيه حسن الأدب للمسئول عما لا يعلم أن يكل العلم إلى


١ رواه البخاري في الصلاة في باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم; وفي الاستسقاء في باب قول الله تعالى: (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) ، ورواه مسلم في كتاب الإيمان (٧١) (١٢٥) : باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء.
٢ البخاري: الجمعة (١٠٣٨) , ومسلم: الإيمان (٧١) , وأبو داود: الطب (٣٩٠٦) , وأحمد (٤/١١٧) , ومالك: النداء للصلاة (٤٥١) .
٣ قرية على حدود الحرم، وتسمى الآن الشميسي. وكان فيها صلح الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين سنة ست من الهجرة، وكان هذا الصلح الفتح المبين.
٤ صحيح. أحمد (٤/١١٦) ، النسائي (٣/١٦٤,١٦٥) . وصححه الألباني في صحيح الجامع (١٣٢٦) .

<<  <   >  >>