ما يميزه إذا نحن ضالون ولسنا بمهتدين؛ لأنهم يزعمون أن الواحد شاذ، والرأي إنما هو مع الجماعة فكوننا نتبع وآحاد ونترك الجماعة هذا ضلال، هذا على حسب تقديرهم.
{لفي ضلال}"ذهاب عن الصواب"{وسعر} أي "جنون" إما أن يكون مفردا أو جمع سعر، إما جمع السعير أو يكون مفرداً ومعناه الجنون، والمادة تدل على هذا التفسير يعني أصلها ومشتقاتها تدل على هذا فيقال:"سَعَر" و"انسعر" الفعل المطاوع إذا أصيب بالجنون أو ما يشبه الجنون، إذا أصيب بالجنون انسعر، وما يشبه الجنون من الافتتان بشيء لا يستحق، إما وراء دنيا ينسعر بها، ويتبعها نفسه، وتهيمن وتسيطر عليه على جميع أركانه وعلى تفكيره هذا انسعار، وهذا شبيه بالجنون، يعني إذا آثر ما يضر وترك ما ينفع هذا تصرف المجانين فقالوا:{إنا إذا}"إن اتبعناه" وليس له ما يميزه فنحن مجانين، انسعرنا وراءه تركنا عقولنا؛ لأن الذي ينسعر بالشيء، ويهتم له ويمشي وراءه من غير تفكير يكون قد ألقى عقله وراء ظهره، وهذا الشيء مشاهد يعني بعض الناس يلهث وراء هذه الدنيا، وتستولي عليه بجميعه بمجموعه بكليته فيتصرف تصرف المجانين، وإلا ماذا يستفيد الشخص إذا جمع مئات الملايين، بل زاد على ذلك، وأمضى وقته كله؟ هذا موجود في مشاهدة الشاشات والبورصات، وينظر ارتفع الذهب نزلت الفضة، ارتفع الدولار نزل الين، إذا ارتفع شيء أكل الحبة حبة الضغط، إذا نزل شيء أكل حبة السكر، إذا كذا وتارك جميع ملذات الدنيا لمشاهدة هذه الشاشات، بالله عليكم هل هذا عاقل وإلا مجنون؟ يعني أولاً ترك ما خلق لأجله وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، ترك الأنس بالأهل والأموال والأصحاب، ترك جميع ملذات الدنيا، هل هذه حياة؟ هل هذا عقل؟ يعني يملك ما يكفيه، ويكفي ولده العاشر من بعده إلى الطبقة العاشرة، أو إلى العشرين وهذه حياته، يطلع الفجر وهو على هذه الحالة، هذا انسعار، هذا ضرب من الجنون، ومن الناس من انسعر بأمور أخرى في متابعة النساء، في مشاهدة الأفلام، في كذا وكذا فيما يضر، هذا انسعار، هذا ضرب من الجنون.