للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهَكَذا الأمْرُ في الثَّنَاءِ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ (١) عندَ ذِكْرِ اسْمِهِ، نَحْوُ: ((عَزَّ وَجلَّ)) و ((تَبَارَكَ وتَعَالَى))، وما ضَاهَى ذلكَ. وإذا وُجِدَ شيءٌ مِنْ ذلكَ قَدْ جَاءَتْ بهِ الروايةُ كانتْ العِنَايَةُ بإثْبَاتِهِ وضَبْطِهِ أكْثَرَ، وما وُجِدَ في خَطِّ أبي عبدِ اللهِ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ (٢) - رضي الله عنه - مِنْ إغْفَالِ ذلكَ عندَ ذِكْرِ اسمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَعَلَّ سَبَبَهُ أنَّهُ كَانَ يَرَى التَّقَيُّدَ في ذلكَ بالروايةِ، وعَزَّ عليهِ اتِّصَالُها في ذلكَ في جميعِ مَنْ فَوْقَهُ مِنَ الرواةِ.

قَالَ الخطيبُ أبو بكْرٍ: ((وبَلَغَنِي أنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نُطْقاً لا خَطّاً)) (٣). قالَ: ((وقَدْ خَالَفَهُ غيرُهُ مِنَ الأئِمَّةِ المتَقَدِّمِينَ في ذلكَ)) (٤). ورُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بنِ المدينيِّ، وعَبَّاسِ بنِ عبدِ العظِيمِ الْعَنْبَرِيِّ قَالاَ: ((ما تَرَكْنا الصَّلاةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ (٥) - صلى الله عليه وسلم - في كُلِّ حديثٍ سَمِعْنَاهُ، ورُبَّما عَجِلْنا فَنُبَيِّضُ الكِتَابَ في كُلِّ حديثٍ حَتَّى نَرْجِعَ إليهِ)) (٦)، واللهُ أعلمُ.

ثُمَّ لِيتَجَنَّبْ (٧) في إثْبَاتِها نَقْصَيْنِ:

أحَدُهما: أنْ يَكْتُبَها مَنْقُوصَةً صُورةً رامِزاً إليها بحرْفَينِ أوْ نحوِ ذلكَ.

والثَّانِي: أنْ يَكْتُبَها مَنْقُوصَةً مَعْنًى بأنْ لاَ يَكْتُبَ ((وَسَلَّمَ))، وإنْ وُجِدَ ذلكَ في خَطِّ بعضِ المتَقَدِّمينَ (٨). سَمِعْتُ أبا القَاسِمِ مَنْصُورَ بنَ عَبدِ الْمُنْعِمِ (٩)، وأُمَّ المؤيّدِ بنتَ


(١) قال النووي: ((وكذا التَّرَضِّي والتَّرَحُّم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار)) انظر: التقريب: ١٢٥.
(٢) قال الزركشي ٣/ ٥٧٩: ((ويدل على ذلك أنه كان لا يرى تبديل لفظ النبي بالرسول في الرواية، وإن لم يختلف المعنى)).
(٣) قال البلقيني في المحاسن: ٣٠٨: ((لا يقال: لعل سببه أن كان يكتب عجلاً لأمرٍ اعتاده، فيترك ذلك للعجلة لا للتقَيّد بالرواية وشبهها؛ لأنا نقول: ترك مثل هذا الثواب بسبب الاستعجال، لا ينبغي أن ينسب للعلماء الجبال)).
(٤) الجامع لأخلاق الراوي ١/ ٢٧١.
(٥) في (أ): ((النبي)).
(٦) الجامع (٥٦٨).
(٧) في (أ): ((ليجتنب))، وفي (جـ): ((يتجنب)).
(٨) المقصود به: الخطيب البغدادي. انظر: شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٢١٦.
(٩) ترجمته في السِّيَر ٢١/ ٤٩٤.

<<  <   >  >>