للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإلى هذا يرشدُ قولُ ابنِ دقيقِ العيدِ في " الاقتراحِ " (١): ((وينبغي أن يكون عندَ الاستواءِ فيما عَدا الصفةِ المرجحةِ، أمَّا معَ التفاوتِ بأنْ يكونَ الأعلى إسناداً عَامياً لا معرفةَ لَهُ بالصنعةِ، والأنزلُ (٢) إسناداً عارفاً ضابطاً، فهذا يتوقفُ فيه بالنسبةِ إلى الإرشادِ المذكورِ؛ لأنَّه قد يكونُ في الروايةِ عن هذا الشَّخصِ العامِّي ما يُوجبُ خَللاً)).

قولُهُ في شَرح قَولهِ: (وَلا تقُم) (٣): (يُكتَبُ عَليهِ خَطِيئةٌ) (٤)، أي: لأنَّ عليهِ المبالغة في تعظيمِ حديثِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإذا قَامَ لأحدٍ تعظيماً لهُ فقدْ غيَّرَ في وجهِ تعظيمِ الحديثِ؛ لأنَّه فَعَلَ ما يَقتضي قطعهُ والاشتغالُ بغيرِهِ، ولكن هذا القولُ مِنَ الإمامِ أبي زيدٍ (٥) - رَحِمهُ اللهُ - إنّمَا هو عَلى سبيلِ المبالغةِ في التّغليظِ، والحثِّ عَلى تبجيلِ الحديثِ، فإنَّهُ مما يمكنُ دخولُهُ تحتَ قولِهِ تعالى: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِي} (٦) الآية.

وكذا ينبغي للسامعينَ تركُ ذلكَ، وكذا جميع ما يشغلُهُم عن بعض السماعِ، ويتأكدُ ذلكَ في حقِّ الشّيخِ المسمعِ.


(١) الاقتراح: ٢٤٧.
(٢) في (ف): ((الأنزال))، والمثبت من " الاقتراح ".
(٣) التبصرة والتذكرة (٦٩٧).
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٢٤، وهو من كلام أبي زيد المروزي: ((القارئ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام لأحد فإنّه تكتب عليه خطيئة)).
(٥) هو الإمام محمد بن أحمد بن عبد الله المروزي، راوي " صحيح البخاري " عن الفربري، توفي سنة (٣٧١ هـ‍).
انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/ ٣١٣ - ٣١٥.
(٦) الحجرات: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>