للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليَّ - أي: أَعجبُ الأمرينِ إليَّ - أن يُمسِكَ)) (١).

فَأفعلُ التّفضيلِ يَقتضِي المُشَاركةَ بين التَّحديثِ والإمسَاكِ في الإعجَابِ، والإمسَاكُ أعجَبُهُما، أي: أحبهُما إليه؛ لأنَّ الإنسَانَ لا يعجبُ غَالباً إلا مما يراهُ فَائقاً.

قوله: (لَمْ يُبَلْ) (٢) قالَ في " تَرتيبِ المُحكَمِ " (٣): ((قالَ سِيبوَيه: وسألتُ الخليلَ رَحمهُ الله عَن قولِهِم: لَم أُبَلْ؟ فقالَ: هي مِن بَاليتُ، ولكنّهم لما أَسكنُوا اللاَّمَ حَذَفوا الألفَ لِئلاَّ يلتَقِي سَاكِنَانِ، وإنما فَعلوا ذلكَ بالجزمِ؛ لأنّه موضعُ حَذفٍ، فَلمّا حذَفوا الألفَ التي هي مِن نفسِ الحرفِ بعدَ اللاَّم صارتْ عندهُم بمنزلةِ نونِ ((يَكنْ)) حيثُ أُسكنت، فإسكانَ اللامِ هنا بمنزلةِ حَذفِ النونِ، وإنما فَعلوا هذا بهذينِ حيثُ كَثرَ في كَلامِهم حذفُ النونِ والحركاتِ وذلكَ نحو ((مُذْ)) و ((لُدْ))، وإنما الأصلُ ((لَدُنْ)) و ((مُنذُ)) وهذا مِن الشَّواذِّ، وليسَ مما يقاسُ ويطّردُ، وزعمَ أنّ ناسَاً مِن العرَبِ يقولونَ: ((أَبلَه))

لا يزيدونَ على حَذفِ الألفِ حيثُ كثرَ الحذفُ في كلامٍ، كما حذفُوا ألفَ ((أحمَرَ)) وألفَ ((غَلِيظ)) وواوَ ((غَدٍ) وكذلكَ فعلوا بقولهِ: بَاله كابن أباليه بمنزلةِ العاقبةِ ولم يحذفُوا ((لا أُبَالي))؛ لأنَّ الحذفَ لا يَقوَى هنا، وَلاَ يَلزمُهم حذفٌ.


(١) المحدّث الفاصل: ٣٥٤ (٢٨٩).
وقالَ ابن الصلاح عقب نقله كلام الرامهرمزي: ((ووجه ما قاله أن من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب، وخيف عليه الاختلال والإخلال أو أن لا يفطن له إلا بعد أن يخلط كما اتفق لغير واحد من الثقات)). انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ٣٤٦.
(٢) التبصرة والتذكرة (٦٩٢).
(٣) قالَ حاجي خليفة بعد أن ذكر كتاب " المحكم " لابن سيده: ((وقد هذبه صفي الدين محمود ابن محمد الأرموي العراقي المتوفى سنة (٧٢٣ هـ‍))).
انظر: كشف الظنون ٢/ ١٦١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>