ثبت أيضاً في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بالكتابة ((اكتبوا لأبي شاة)) وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "ما كان أحد أكثر مني حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب" ولعل هذا على حسب وهمه -رضي الله عنه وأرضاه-، وأنه كان يتوقع أن عبد الله بن عمرو أكثر منه؛ لأن المكتوب الذي يُرى ليس كالمحفوظ، المحفوظ موجود في الأذهان، لا وجود له في الأعيان، فلا يمكن بيان حجمه، ما دام موجوداً في الأذهان، أو كانت مقولة أبي هريرة قبل الهجرة النبوية، لما طلب منه أن يبسط رداءه فبسطه، ثم ضمه بعد أن دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينسَ شيئاً قط، فصار بذلك أحفظ الصحابة، وأجمع الصحابة، وأكثرهم رواية، ولا يقاربه ولا يدانيه أحد منهم، ولجمعه هذا الكم الهائل من السنة، وهو صحابي جليل، دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحببه إلى الناس، ويحبب الناس إليه، ولذا لا يبغضه إلا منافق، نسأل الله السلامة والعافية، ولا يطعن فيه، وفي حفظه، وفي علمه إلا من يطعن في الدين، في السنة على وجه الخصوص؛ لأنه لم نرَ أحداً طعن في المقلين من صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الطعن في المقل الذي لا يروي إلا حديث أو حديثين، هذا ليس له من الأثر ما لأثر الطعن في المكثر، فنسف مثل أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- نسف لقدر كبير من السنة، ومن ثم من الدين، أبيض بن حمال الذي لا يروي إلا حديثاً واحداً ما وجدنا أحداً يطعن فيه؛ لأن تتبع مثل هؤلاء متعب، بينما الطعن في واحد يحمل السنة، أو جل السنة هذا يريح الخصم، والله المستعان.