فقال: رديه، فو الله لا قبلتها، أخرجتها من الرق، وزوجتها أمير المؤمنين وترضى لي بهذا. فلم نزل نطلب إليه أنا وعمومتي حتى قبلها، وأمر لي بألف دينار.
وأخبرنا أحمد بن عمر بن روح ومحمّد بن الحسين الجازري- قال أحمد أخبرنا وقال محمّد حدثنا- المعافى بن زكريّا، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثني أبو الحسن الديباجي، حدثني أبو عبد الله اليوسفي: أن أم جعفر كتبت إلى أبي يوسف: ما ترى في كذا وأحب الأشياء إليّ أن يكون الحق فيه كذا. فأفتاها بما أحبت، فبعثت إليه بحق فضة فيه حقاق فضة مطبقات في كل واحدة لون من الطيب، وفي جام دراهم وسطها جام فيه دنانير، فقال له جليس له قال رسول الله ﷺ:«من أهديت له هدية فجلساؤه شركاؤه فيها»(١)
فقال أبو يوسف: ذاك حين كانت هدايا الناس التمر واللبن.
وأخبرني محمّد بن الحسين القطّان، أخبرنا محمّد بن الحسين بن زياد النقاش أن محمّد بن علي الصائغ أخبرهم- بمكة- قال: أخبرني يحيى بن معين قال: كنت عند أبي يوسف القاضي وعنده جماعة من أصحاب الحديث وغيرهم، فوافقه هدية من أم جعفر احتوت على تخوت ديبقي، ومصمت، وشرب، وطيب، وتماثيل ند، وغير ذلك، فذاكرني رجل بحديث النبي ﷺ«من أتته هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه فيها»
فسمعه أبو يوسف فقال: أبي تعرض؟ ذاك إنما قاله النبي ﷺ والهدايا يومئذ الأقط والتمر والزبيب، ولم تكن الهدايا ما ترون يا غلام: شل إلى الخزائن.
أخبرني الخلّال، أخبرنا علي بن عمرو الحريري أن علي بن محمّد النخعي حدثهم قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق عن بشر بن غياث قال: سمعت أبا يوسف يقول:
صحبت أبا حنيفة سبع عشرة سنة ثم قد انصبت على الدنيا سبع عشرة سنة، فما أظن أجلي إلا وقد قرب، فما كان إلا شهور حتى مات.
وقال النخعي: حدثنا أبو عمرو القزوينيّ، حدثنا القاسم بن الحكم العرني قال:
سمعت أبا يوسف عند موته يقول: يا ليتني مت على ما كنت عليه من الفقر، وأني لم أدخل في القضاء على أني ما تعمدت بحمد الله ونعمته جورا، ولا حابيت خصما على خصم من سلطان ولا سوقة.
(١) انظر الحديث في: السنن الكبرى للبيهقي ٦/ ١٨٣. ومجمع الزوائد ٤/ ١٤٨. والفوائد المجموعة ٨٤. واللآلئ المصنوعة ٢/ ١٦٠. وتذكرة الموضوعات ٦٥. وفتح الباري ٥/ ٢٢٧