سألت- أطال الله مدتك، وأدام نعمتك، وحرس دولتك- عن «البلاغة» ! و «البلاغة» ليست ألفاظا فقط، ولا معانى فحسب، بل هى ألفاظ يعبّر بها عن معان! ولكن ليس هذا كما اتفق، ولا كيفما وقع، لأن ذلك لو جرى «هذا المجرى» لكان أكثر الناس بليغا، إذ كان أكثرهم يؤدى عن المعانى التى يولدها بألفاظ تدل عليها! لكنهم يخرجون عن طريق البلاغة، ومنهاج الكتابة من وجهين:
أحدهما: أن تكون الألفاظ مستكرهة، مستوخمة، غير مرصوفة، ولا منتظمة! والثانى: أن تكون كثيرة يغنى بعضها عن بعض، ويمكن أن يعبّر عن المعنى الدال بأقلّ منها» .
وإذا كانت هناك مواقف يحتاج فيها إلى إشباع المعنى، وتوكيده، وتكريره، حيث يحتاج البليغ إلى الإطالة والإسهاب، فإن هناك مواقف يحتاج فيها إلى الاختصار والإيجاز! هذا، وأكثر ما عليه الناس فى «البلاغة» أنها: «الاختصار، وتقريب المعنى بالألفاظ القصار» وقد سئل بعضهم عن البلاغة فقال:
«هى لمحة دالّة!» .
وهذا مذهب العرب، وعادتهم فى العبارة، فإنهم يشيرون إلى المعانى بأوحى «١» إشارة! ويستحبون أن تكون الألفاظ أقلّ من المعانى فى المقدار والكثرة.