للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَقَدْ وَجَدْت مَا وَعَدَنِي رَبّي حَقّا! وَقَدْ وَاَللهِ يَا رَسُولَ اللهِ أَصْبَحْت مُشْتَاقًا إلَى مُرَافَقَتِهِ فِي الْجَنّةِ، وَقَدْ كَبِرَتْ سِنّي، وَرَقّ [ (١) ] عَظْمِي، وَأَحْبَبْت لِقَاءَ رَبّي، فَادْعُ اللهَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يَرْزُقَنِي الشّهَادَةَ وَمُرَافَقَةَ سَعْدٍ فِي الْجَنّةِ.

فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقُتِلَ بِأُحُدٍ شَهِيدًا.

وَقَالُوا: قَالَ أَنَسُ بْنُ قَتَادَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هِيَ إحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إمّا الشّهَادَةُ وَإِمّا الْغَنِيمَةُ وَالظّفْرُ فِي قَتْلِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الْهَزِيمَةَ.

قَالُوا: فَلَمّا أَبَوْا إلّا الْخُرُوجَ [ (٢) ] صَلّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ بِالنّاسِ، ثُمّ وَعَظَ النّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالْجِدّ وَالْجِهَادِ [ (٣) ] ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنّ لَهُمْ النّصْرَ مَا صَبَرُوا. فَفَرِحَ النّاسُ بِذَلِكَ حَيْثُ أَعْلَمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشّخُوصِ إلَى عَدُوّهِمْ، وَكَرِهَ ذَلِكَ الْمَخْرَجَ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُمْ بِالتّهَيّؤِ لِعَدُوّهِمْ. ثُمّ صَلّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِالنّاسِ، وَقَدْ حَشَدَ النّاسُ وَحَضَرَ أَهْلُ الْعَوَالِي، وَرَفَعُوا النّسَاءَ فِي الْآطَامِ، فَحَضَرَتْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَلِفّهَا وَالنّبِيتُ [وَلِفّهَا] [ (٤) ] وَتَلَبّسُوا السّلَاحَ. فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَهُ، وَدَخَلَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَعَمّمَاهُ وَلَبِسَاهُ، وَصَفّ النّاسُ لَهُ مَا بَيْنَ حُجْرَتِهِ إلَى مِنْبَرِهِ، يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ، فَجَاءَهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَا: قُلْتُمْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُلْتُمْ، وَاسْتَكْرَهْتُمُوهُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَالْأَمْرُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنْ السّمَاءِ، فردّوا الأمر إليه، فما أمركم


[ (١) ] فى الأصل وح: «ودق» ، وما أثبتناه عن سائر النسخ.
[ (٢) ] فى ح: «إلا الخروج والجهاد» .
[ (٣) ] فى ح: «الاجتهاد» .
[ (٤) ] الزيادة عن ب، ت.