أَصْحَابَهُ، فَأَتَوْا بِنَهْبٍ وَغَنَائِمَ وَسَبْيٍ ونساءٍ وَأَطْفَالٍ وَنَعَمٍ وَشَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَجَعَلَ عَلِيّ عَلَى الْغَنَائِمِ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ، فَجَمَعَ إلَيْهِ مَا أَصَابُوا قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُمْ جَمْعٌ، ثُمّ لَقِيَ جَمْعًا فَدَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَحَرّضَ بِهِمْ، فَأَبَوْا وَرَمَوْا فِي أَصْحَابِهِ، وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إلَى مَسْعُودِ بْنِ سِنَانٍ السّلَمِيّ فَتَقَدّمَ بِهِ، فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْ مَذْحِجَ يَدْعُو إلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ إلَيْهِ الْأَسْوَدُ بْنُ الْخُزَاعِيّ السّلَمِيّ، فَتَجَاوَلَا سَاعَةً وَهُمَا فَارِسَانِ، فَقَتَلَهُ الْأَسْوَدُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ. ثُمّ حَمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيّ بِأَصْحَابِهِ فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلًا، فَتَفَرّقُوا وَانْهَزَمُوا وَتَرَكُوا لِوَاءَهُمْ قَائِمًا، فَكَفّ عَنْ طَلَبِهِمْ وَدَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَسَارَعُوا وَأَجَابُوا، وَتَقَدّمَ نَفَرٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا، وَهَذِهِ صَدَقَاتُنَا فَخُذْ مِنْهَا حَقّ اللهِ!
قَالَ: فَحَدّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَجَمَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ مَا أَصَابَ مِنْ تِلْكَ الْغَنَائِمِ فَجَزّأَهَا خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ عَلَيْهَا، فَكَتَبَ فِي سَهْمٍ مِنْهَا «لِلّهِ» ، فَخَرَجَ أَوّلُ السّهَامِ سَهْمُ الْخُمْسِ، وَلَمْ يُنْفِلْ أَحَدًا مِنْ النّاسِ شَيْئًا. فَكَانَ مَنْ قَبْلَهُ يُعْطُونَ أَصْحَابَهُمْ- الْحَاضِرَ دُونَ غَيْرِهِمْ- مِنْ الْخُمْسِ. ثُمّ يُخْبِرُ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَرُدّهُ عَلَيْهِمْ، فَطَلَبُوا ذَلِكَ مِنْ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَأَبَى وَقَالَ:
الْخُمْسُ أَحْمِلُهُ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ، وَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَافِي الْمَوْسِمَ، وَنَلْقَاهُ وَيَصْنَعُ فِيهَا مَا أَرَاهُ اللهُ.
فَانْصَرَفَ رَاجِعًا، وَحَمَلَ الْخُمْسَ وَسَاقَ مَعَهُ مَا كَانَ سَاقَ، فَلَمّا كَانَ بِالْفُتُقِ [ (١) ] تَعَجّلَ. وَخَلّفَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَالْخُمُسِ أَبَا رَافِعٍ، فَكَانَ فِي الْخُمُسِ ثياب
[ (١) ] الفتق: قرية بالطائف. (معجم البلدان، ج ٦، ص ٣٣٨) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute