ما دَعَوْتَني ورَجَوْتَني غَفَرْتُ لكَ ما كانَ مِنْكَ وَلا أبالي، يا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ
ــ
بن حاتم حدثنا عبد الله بن أبي بكر العتكي حدثني عقبة بن عبد الله الرفاعي حدثني الجعد أبو عثمان اليشكري سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول الله:"ابن آدم تعرف إليَّ في الرخاء أعرفك في الشدة يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني فإني سأغفر لك على ما كان منك ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم استغفرتني لغفرت لك ولا أبالي يا بن آدم ادعني استجيب لك من ذا الذي دعاني فلم أجبه من ذا الذي سألني فلم أعطه من ذا الذي استغفرني فلم أغفر له إني أنا الغفور الرحيم" وسنده ضعيف والأول أصح اهـ. قوله:(ما دعوتني) أي بالمغفرة بدليل الجواب ويصح الإطلاق هنا ويكون جوابه محذوفاً أي استجبت لك دل عليه ما بعده وقيل معنى ما دعوتني أي ما دمت تعبدني أو تسألني فإن الدعاء قد فسر في القرآن بهما وما مصدرية ظرفية. قوله:(ورجوتني) أي رجوت مغفرتي. وقوله:(غفرت ذنوبك) أي وإن كثرت وعظمت حتى في حال كونك مستمراً (على ما كان منك) أي على العيب الذي كان. وقوله:(ولا أبالي) جملة حالية والمراد لا أبالي بالمغفرة مع وجود مقتضى الغضب من التلبس بالعيب والاستمرار عليه وذلك لأني لا أسأل عما أفعله مع أن كون "رحمتي سبقت غضبي" يقتضي هذا التفضل الواسع، فإن قلت ثبت أنه جف القلم بما هو كائن فالدعاء لا ينقص ولا يزيد شيئاً وأيضاً المطلوب إن كان مصالح العبد فالجواد المطلق لا يبخل به وإن لم يكن منها فلم يجز طلبه وأيضاً الرضا بالقضاء باب الله الأعظم والاشتغال بالدعاء ينافيه، قلت: الدعاء من شعار المرسلين ودثار الصالحين وباب الصديقين والقرآن والحديث ناطق بصحته. قوله:(لو بلغت ذنوبك) أي وصلت والذنوب جمع ذنب وهو الإثم أي ولو تجسمت إجراماً ملأت ما بين السماء والأرض وإضافة (عنان) أي سحاب إلى (السماء) مع أنه لا يكون سحاب لغير السماء إما من باب فخر عليهم السقف من فوقهم من أنه تصوير لارتفاع شأن الحساب وأنه بلغ مبلغ السماء أو من باب وما من دابة في الأرض ولا طائر {ومَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} مع أن الدابة لا تكون إلا في الأرض والطير