آمنا وقنوتهم أي طاعتهم (والمنفقين) أي المتصدقين في الطاعات وقوله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} قال القرطبي واختلف في معناه فقال أنس بن مالك: هم السائلون المغفرة وقال قتادة المصلون قلت: ولا تناقض فإنهم يصلون ويستغفرون اهـ. وخص السحر وهو آخر الليل بالذكر لأنه وقت الغفلة ولذة النوم ولأنه مظان القبول ووقت إجابة الدعاء قال -صلى الله عليه وسلم- في تفسير قوله تعالى مخبراً عن يعقوب عليه السلام:" {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} أخر ذلك إلى السحر" رواه الترمذي وفي الحديث الصحيح ينزل الله عزّ وجلّ إلى سماء الدنيا كل ليلة حتى يضيء الثلث الأول الحديث رواه مسلم وسبق في باب الحث على الدعاء والاستغفار في النصف الثاني من الليل، قال القرطبي: الاستغفار مندوب إليه وقد أثنى الله تعالى على المستغفرين في هذه الآية وغيرها قال تعالى: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} وقال أنس بن مالك: أمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة وروي عن أنس قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:"إن الله عزّ وجلّ يقول إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في وإلى المتجهدين والمستغفرين بالأسحار صرفت عنهم العذاب بهم" وقال مكحول: إذا كان في أمة خمسة عشر رجلاً يستغفرون الله كل يوم خمساً وعشرين مرة لم يؤاخذ الله تلك الأمة بعذاب العامة ذكره أبو نعيم في كتاب الحلية اهـ. قوله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} لأن العذاب إذا نزل عم قال ابن عباس لم تعذب أمة إلا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها وهذه الجملة نزلت بمكة إلى قوله بعذاب أليم وهذا من أصول قولهم:
لعين تجازي ألف عين وتكرم
فدفع الله العذاب عن الكافرين كرامة لسيد الأحباب وحلوله بين أظهرهم ولما خرج منهم -صلى الله عليه وسلم- وبقي فيهم المؤمنون يستغفرون نزل قوله {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} وقال ابن عباس: كانوا يقولون في الطواف غفرانك والاستغفار وإن وقع من الفجار يدفع به ضرب من