كما يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وصلاَةُ الرَّجُلِ في جَوْفِ الليل،
ــ
القلب عند غلبة الحرارة
اهـ. قوله:(كما يطفيء الماء النار) ما فيه مصدرية أي إطفاء مثل إطفاء النار وخصت الصدقة بذلك كأنه لتعدي نفعها ولأن الخلق عيال الله وهي إحسان إليهم والعادة أن الإحسان إلى عيال الشخص يطفيء غضبه وسبب إطفاء الماء النار ما بينهما من غاية التضاد إذ هي حارة يابسة وهو بارد رطب فقد ضادها بكيفيتيه جميعاً والضد يقمع الضدد بإطفاء الخطيئة يتنور القلب وتصفو الأعمال فلذا كانت الصدقة باباً عظيماً كغيرها من الأعمال الفاضلة. قوله:(وصلاة الرجل في جوف الليل) مبتدأ خبره محذوف أي تطفيء الخطيئة أو هي من أبواب الخير والأظهر أن يقدر الخبر شعار الصالحين كما في جامع الأصول والأولى أن يقال: حذف الخبر إشعاراً بأنه لا يكتنه كنهه أي صلاة الرجل في جوف الليل لا تعلم نفس ما أخفى لهم ولفظ من للابتداء أي ابتداء قيامه من جوف الليل ليكون من القائمين لأن من قام فيه قام سائر الأوقات وقيل إنها بمعنى في وبها عبر في نسخة لكن الرواية على الأول وذكر الرجل في الخبر لأنه السائل أو لأن الخير غالب في الرجال إذ أكثر أهل النار النساء لا للاحتراز عن المرأة لأنها مثله في ذلك وقدم الصلاة على الزكاة أولاً وعكس ثانياً لأن الأول مسوق لبيان أمر الدين فقدم الأهم فالأهم والثاني لتكميله فالترقي أولى ولذا شبه الصوم بالجنة التي هي دون الماء لأنها تدفع العدو والماء يعميه ويطفئه ثم النفل في الليل أفضل منه في النهار لأن الخشوع والتضرع فيه أسهل وأكمل ومن ثم كان باباً عظيماً من أبواب الخير لأنه يوصل إلى صفاء السر ودوام الشكر والذكر والذي وهو بعد النوم أفضل منه فيه قبله ويحصل فضل قيامه بصلاة ركعتين وأفضل أجزائه كما دلت عليه الأحاديث النبوية وذهب إليه الشافعي النصف الثاني إن جزأه نصفين والثلث الأخير إن جزأه أثلاثاً والسدس الرابع والخامس إن جزأه أسداساً وهذا هو الأكمل على الإطلاق لأنه الذي واظب عليه -صلى الله عليه وسلم- وقال: أفضل الصلاة صلاة أخي داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه.