للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا تشكك في أنه يسمعهم، زاد في رفعه، واحتاط واستظهر، أما إذا سلَّم على أيقاظ عندهم نيام، فالسُّنَّة أن يخفض صوته بحيث يحصل سماع الأيقاظ ولا يستيقظ النيام.

روينا في "صحيح مسلم" في حديث المقداد رضي الله عنه الطويل قال: "كنا نرفع للنبي - صلى الله عليه وسلم - نَصيبه من اللبن، فيجيء من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان، وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم كما كان يسلم" والله أعلم.

ــ

كرر السلام حتى يعمهم به كما سبق في الحديث أما الرفع في الجواب بحيث يسمعه المسلم أي المبتدئ بالسلام المجاب ولو واحدًا من الجماعة المبتدئين فيجب ويستحب أن يزيد في الرفع على القدر الواجب من سماع من ذكر إلى ما يعمهم أجمعين بسماع الصوت ويتحقق به أنه أسمعهم لذلك أي إن لم يكن رفعه كذلك خارمًا لمروءته بأن كثر الجمع وكان رفعه الصوت بقدر

ما يسمعهم أجمعين لا يليق بأمثاله فيكرر الرد حتى يستوعبهم نظير ما سبق في الحديث في الفصل قبله والله أعلم. قوله: (وإذا تشكك في أنه يسمعهم الخ) إن شك في أصل سماع المسلم ولو واحدًا وجب الرفع ليتيقن ذلك وإن شك فيما فوق ذلك استحبَّ الرفع للتعميم.

قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) سبق تخريج الحديث وشيء مما يتعلق به في باب دعاء الإنسان لمن سقاه لبنًا أو ماء أو غيرهما من كتاب أذكار الطعام. قوله: (وجعل لا يجيئني النوم) أي لشربه ما يخص النبي - صلى الله عليه وسلم - من اللبن فخشي أن يكون ذلك مثيرًا للغضب يترتب عليه عطب وهو - صلى الله عليه وسلم - الرؤوف الرحيم عليه الصلاة والسلام لما لم يجد ما يعد له من اللبن علي عادته أتى بالدعاء المسطور في الباب السابق المذكور ليكون له الفضل بالحال والمقال وأتى بهذه الجملة توطئة لقوله (فسلم كما كان يسلم) أي فسمعت سلامه لكوني مستيقظًا مترقبًا أثر فعلي ولم يسمعه صاحباي لكونهما نائمين ونومهما لخلو البال منهما على ذلك الحال والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>