ولم يعلم به:"أفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ؟ ".
قال العلماء المحققون والأكثرون من أصحابنا وغيرهم: يستحب إعلام أهل الميت وقرابته وأصدقائه لهذين الحديثين قالوا: النعي المنهي عنه إنما هو نعي الجاهلية، وكان من
عادتهم إذا مات منهم شريف بعثوا راكبا إلى القبائل يقول: نعايا فلان، أو يا نعايا العرب: أي: هلكت العرب بمهلك فلان، ويكون مع النعي ضجيج وبكاء.
وذكر صاحب "الحاوي" وجهين لأصحابنا في استحباب الإيذان بالميت وإشاعة موته بالنداء والإعلام، فاستحبَّ ذلك بعضهم للميت الغريب والقريب، لما فيه من كثرة المصلين عليه والدَّاعين له. وقال بعضهم: يستحبُّ ذلك للغريب، ولا يستحبُّ لغيره. قلت:
ــ
عن أبي رافع الصانع واسمه نفيع، قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث صحيح أخرجه الشيخان وأبو داود وابن حبان. قوله:(ولمْ يُعلَمُ بهِ) بالبناء للمجهول أي لم يعلمه أحد بوفاته. قوله:(أَفلا كنتم آذَنْتُمُونِي) بمد الهمزة أي أعلمتموني فيؤخذ منه ندب الإعلام بالموت للصلاة عليه ونحوها. قوله:(والنَّعْيُ المَنهِي عَنْهُ هُوَ نَعْيُ الجَاهِليةِ) أي كالنداء بموت الشخص مع ذكر مفاخرة نحو واكهفاه واجبلاه واكريماه، وقيل عدها مع البكاء عليه كما حكاه المصنف فيما تقدم في باب تحريم النياحة وجزم به في المجموع قال وليس منه وإن أشبهه قول فاطمة رضي الله عنها بعد موته - صلى الله عليه وسلم - يا أبتاه جنة الفردوس مأواه إلى جبريل ننعاه، ويكره مرثية الميت وهو الشعر فيه وعد محاسنه إن كانت بغير نحو الصيغة السابقة وإلَّا كانت ندبًا وذلك للنهي عنها لكنه حمل على ما يظهر فيه تبرم أو على فعله مع الاجتماع له أو على الإكثار منه أو على ما يجدد الحزن دون ما عدا ذلك لأن كثيرًا من الصحابة وغيرهم من العلماء ما زالوا يفعلونه، وقد قالت فاطمة رضي الله عنها:
ماذا على من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت على مصائب لو أنها ... صبت على الأيام صرن لياليا
وفي قواعد القرافي الفرق المائة كلام فيه الفرق بين النوح المحرم والرثاء المباح