للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدَّثنا عبدُ الملكِ بن حبيبٍ المِصِّيصيُّ؛ قالا جميعًا: حدَّثنا أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ، قال: قلتُ للأوزاعيِّ: أرأيتَ لو أنّ صاحبَ الرُّومِ أهْدَى إلى أمير المؤمنين هديَّةً، أتَرَى بأسًا أنْ يَقْبَلَها؟ قال: لا أرى بذلك بأسًا. قلتُ: فما حالُها إذا قَبِلَها؟ قال: تكونُ بينَ المسلمين. قلتُ: وما وَجْهُ ذلك؛ قال: أليس إنَّما أهْدَاها له لأنَّه والي عَهْدِ المسلمين، لا يكونُ أحقَّ بها منهم، ويُكافِئُه بمثلها من بيت مال المسلمين. قلتُ للأوزاعيِّ: فلو أنَّ صاحِبَ الباب أهْدَى له صاحِبُ العَدُوِّ هديَّةً، أو صاحبُ مَلَطْيَة (١)، أيقْبَلُها أحَبُّ إليكَ أو يَرُدُّها؟ قال: يَرُدُّها أحَبُّ إليَّ، فإنْ قَبِلَها فهي بينَ المسلمين، ويُكافِئُه بمِثْلِها. قلتُ: فصاحبُ الصَّائفةِ إذا دخَل فأهْدَى له صاحِبُ الرُّومِ هَدِيَّةً؟ قال: تكونُ بينَ ذلك الجَيشِ، فما كان من طعامٍ قَسَمه بينَهم، وما كان سِوَى ذلك جعَله في غنائم المسلمين.

قال أبو عُمر: ليسَ أحدٌ من أئمةِ الفقهاء - زَعَموا - أعلمَ بمسائلِ الجهادِ من الأوزاعيِّ، وقولُه هذا هو قولُنا.

وروَى عيسَى، عن ابن القاسم، في الإمام يكونُ في أرضِ العَدُوِّ (٢)، فيُهْدي له العَدُوُّ، أتكونُ له خالصةً أمْ للجَيْشِ؟ قال: أُرَاها لجماعةِ الجيش؛ قال: لأنّه إنّما أهْدَاها خوفًا، إلّا أنْ يعلَمَ أنّ ذلك إنّما هو من قِبَلِ قرابَةٍ، أو مُكافَأةٍ، فأُرَاه له خالصًا. قيل له (٣): فالرَّجلُ من أهلِ الجيش تَأتيه الهديَّةُ؟ قال: هذه له خالصةٌ لا شكَّ فيه، مثلُ أنْ يكونَ له قريبٌ أو صديقٌ فيُهدِيَ له، فهو له خالصٌ.


(١) معجم البلدان ٥/ ١٩٢.
(٢) في ف ١: "الغزو".
(٣) "له "من ف ١، ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>