للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حنِيفةَ (١): القِراءةُ في الآخِرتينِ لا تجِبُ. وكذلك قال الثَّورِيُّ، والأوزاعِيُّ. قال الثَّورِيُّ: يُسبِّحُ في الآخرتين أحبُّ إليَّ من أن يقرأ.

قال أبو عُمر: رُوِي عن عليِّ بن أبي طالِبٍ، وجابرِ بن عبدِ اللَّه، والحسنِ، وعَطاءٍ، والشَّعبِيِّ، وسعِيدِ بن جُبيرٍ: القِراءةُ في الرَّكعتينِ الآخِرتينِ من الظُّهرِ والعصرِ بفاتحةِ الكِتابِ، في كلِّ ركعةٍ منهُما (٢).

وثبتَ ذلك، عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا وجه لما خالفهُ، والحمدُ للَّه.

وقال الثَّورِيُّ وأبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ: يَقْرأُ في الرَّكعتينِ الأُولَيينِ، وأمّا في الآخِرتينِ: فإن شاءَ قَرأ، وإن شاءَ سبَّحَ، وإن لم يَقْرأ، ولم يُسبِّح، جازَتْ صلاتُهُ (٣). وهُو قولُ إبراهيمَ النَّخعِيِّ (٤).

ورُوِي ذلك عن عليٍّ رضِي اللَّه عنهُ (٥). والرِّوايةُ الأُولى عنهُ أثبتُ، رواها عنهُ أهلُ المدِينةِ.

قال أبو عُمر: قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ صلاةٍ لم يُقرأ فيها بأُمِّ القُرآنِ، فهي خِداجٌ غيرُ تمام". وقولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاةَ لمن لم يَقْرأ بفاتحةِ الكِتابِ". يَقْضِى في هذا البابِ بين المُختلِفِين فيه، وهُو الحُجَّةُ اللّازِمةُ، ولم يُرو عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شيءٌ يَدْفعُ ذلك، ولا يُعارِضُهُ.

حدَّثنا أحمدُ بن فَتْح، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ اللَّه بن زكرِيّا النَّيسابُورِيُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عَمرٍو البزّارُ، قال: حدَّثنا أبو سَلَمةَ يحيى بن خَلَفٍ، قال: حدَّثنا


(١) انظر: المبسوط للسرخسي ١/ ١٨.
(٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٢٦٦١)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (٣٧٤٧) و (٣٧٥٤) و (٣٧٥٥)، والأوسط لابن المنذر (١٣٠٧، ١٣٢٦، ١٣٢٧).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي ١/ ١٩.
(٤) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٣٧٦٦).
(٥) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٣٧٦٤)، والأوسط لابن المنذر (١٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>