للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهُو مذهبُ القاسم، والشَّعبِيِّ، وإبراهيمَ (١).

وقال آخرُونَ، منهُم مالكٌ (٢) وأصحابُهُ: لا يجُوزُ أن يتطيَّبَ المُحرِمُ قبلَ إحرامِهِ بما تَبْقَى عليه رائحتُهُ بعدَ الإحرام، وإذا أحرمَ، حرُم عليه الطِّيبُ حتَّى يطُوفَ بالبيتِ.

وهذا مذهبُ عُمر بن الخطّابِ، وعُثمان بن عفّان، وعبدِ الله بن عُمر، وعُثمان بن أبي العاصِ. وبه قال عطاءٌ، والزُّهرِيُّ، وسعِيدُ بن جُبيرٍ، والحسنُ، وابنُ سِيرِين. وإليه ذهب محمدُ بن الحسنِ صاحِبُ أبي حنِيفةَ، وهُو اختِيارُ الطَّحاوِيِّ (٣).

وحُجَّةُ من ذهَبَ هذا المذهب من جِهَةِ الأثرِ: حديثُ يَعْلَى بن أُميَّةَ (٤)، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ أمرَ الرَّجُل الذي أحرمَ بعُمرةٍ وعليهِ طِيبٌ خَلُوقٌ أو غيرُهُ، وعليه جُبَّةٌ: أن ينزعَ عنهُ الجُبَّةَ، ويغسِلَ الطِّيب. وادَّعوُا الخُصُوصَ في حديثِ عائشةَ؛ لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان أملكَ النّاسِ لإربِهِ، ولأنَّ ما يُخافُ على غيرِهِ من تَذكُّرِ الجِماع الممنُوع منهُ في الإحرام، مأمُونٌ منهُ - صلى الله عليه وسلم -. وقالوا: لو كانَ على عُمُومِهِ للنّاسِ عامَّةً، ما خَفِيَ على عُمر، وعُثمانَ، وابنِ عُمرَ، مع عِلْمِهِم بالمناسِكِ وغيرِها، وجَلالتِهِم في الصَّحابةِ، ومَوضِعُ عطاءٍ من عِلم المناسِكِ مَوضِعُهُ، ومَوْضِعُ الزُّهرِيِّ من عِلم الأثرِ مَوْضِعُهُ (٥).

ذكرَ عبدُ الرَّزّاقِ، قال: أخبَرنا ابنُ عُيَينةَ، عن ابنِ جُريج، عن عطاءٍ، قال: أخبَرني صفوانُ بن يَعْلى، أنَّ يعلَى كان يقولُ لعُمر: أرِني نَبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - حِين يُنزَّلُ


(١) انظر: المصنَّف لابن أبي شيبة (١٣٦٦٧)، والمحلى لابن حزم ٧/ ٨٩ - ٩٠.
(٢) انظر: المدونة ١/ ٤٤١.
(٣) شرخ معاني الآثار ٢/ ١٣٢ - ١٣٣.
(٤) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٥) قوله: "موضعه" لم يرد في د ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>