للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد مَضَى في هذا المعنى ما فيه كِفايةٌ، في بابِ ابنِ شِهاب، عن رَجُلٍ من آلِ خالدِ بن أَسِيدٍ، من كِتابِنا هذا.

وقد جاءَ في هذا البابِ عنِ ابنِ عبّاسٍ، نحوُ ما جاءَ عنِ ابنِ عُمر؛ ذكَرَ عبدُ الرَّزّاقِ، قال (١): أخبَرنا ابنُ جُرَيج، قال: سأل حُميدٌ الحِمْيريُّ (٢) ابن عبّاسٍ، فقال: إنِّي أُسافِرُ، أفأقصُرُ الصَّلاةَ في السَّفرِ أم أُتِمُّها؟ فقال ابنُ عبّاس: ليسَ بقَصْرِها، ولكِنَّهُ تمامُها، وسُنّةُ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، خرجَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-آمِنًا، لا يخافُ إلّا اللَّه، فصلَّى اثْنَتينِ حتّى رجعَ، ثُمَّ خرجَ أبو بكرٍ آمِنًا، لا يخافُ إلّا اللَّه، فصلَّى ركعتينِ حتّى رجَعَ، ثُمَّ خرجَ عُمرُ آمِنًا، لا يخافُ إلّا اللَّه، فصلَّى اثنتينِ حتّى رجعَ، ثُمَّ فعلَ ذلك عُثمانُ ثُلُثي إمارتهِ، أو شطرَها، ثُمَّ صلّاها أربعًا، ثُمَّ أخذَ بها بنُو أُميّةَ.

قال ابنُ جُريج: وبَلَغني: إنَّما أوفاها عُثمانُ أربعًا بمِنًى من أجلِ أنَّ أعرابيًّا ناداهُ في مَسْجدِ الخَيْفِ بمِنًى، فقال: يا أميرَ المُؤمِنين، ما زِلتُ أُصلِّيها رَكْعتينِ، مُذ رأيتُكَ عامَ الأوّل صلَّيتها رَكْعتينِ. فخَشِي عُثمانُ أن يظُنَّ جُهّالُ النّاسِ أنَّ الصَّلاةَ رَكْعتانِ، وإنَّما كان أوفاها بمِنًى فقط.

قال أبو عُمر: قد اختُلِفَ في المعنى الذي من أجلِهِ أتمَّ عُثمانُ الصَّلاةَ في سَفرِهِ إلى مكّةَ وبمكّةَ، فقال قومٌ: أخَذَ بالمُباح في ذلك، إذ للمُسافِرِ أن يَقْصرَ، وأن يُتِمَّ، كما كان لهُ أن يصُومَ، وأن يُفطِرَ.

ومن ذهَبَ إلى هذا المذهبِ، احتجَّ بما قدَّمنا ذِكرَهُ، من ظاهِرِ الكِتابِ والسُّنةِ، وبما حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ وسعيدُ بن نَصرٍ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن


(١) أخرجه في المصنَّف (٤٢٧٧).
(٢) وقع في الأصل: "الضمري"، خطأ. وهو حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري. انظر: الإكمال لابن ماكولا ١/ ٣٠٣، وتهذيب الكمال ٧/ ٣٨١، وتوضح المشتبه لابن ناصر الدين ٥/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>