للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أحمدُ بن المُعذَّل: واختلفَ قولُ أصحابِهِ في علل (١) الحَيْضِ وانقِطاعِهِ وعودتِهِ، اختِلافًا يدُلُّكَ على أنَّهُم لم يأخُذُوهُ عن أثَرٍ قوِيٍّ، ولا إجماع.

قال: واختلَفَ أيضًا قولُ مالكٍ وأصحابِهِ في عللِ (٢) الحَيْضِ، رَجَع فيها من قولٍ إلى قولٍ، وثبتَ هُو وأهلُ بلدِهِ على أصْلِ قولِهِم في الحيضِ: أنَّهُ خمسَ عشْرةَ.

قال: وإنَّما ذكرتُ لك (٣) اختِلافَ أمرِ الحيضِ، واختِلاطَهُ على العُلماءِ، لتعلمَ أنَّهُ أمرٌ أُخِذَ أكثرُهُ بالاجتِهادِ، فلا يكونُ عِندكَ سُنّةً قولُ أحدٍ من المُختلِفِينَ، فيضيقُ على النّاسِ خِلافُهم.

قال أبو عُمر: قدِ احتجَّ الطَّحاوِيُّ (٤) لمذهبِ الكُوفيِّين في تحدِيدِ الثَّلاثِ، والعشر، في أقلِّ الحيضِ وأكثرِهِ، بحديثِ أُمِّ سَلَمةَ، إذ سألَتْ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عنِ المرأةِ التي كانت تُهراقُ الدَّمَ، فقال: "لتنظُرْ عددَ اللَّيالي والأيام التي كانت تحِيضُهُنَّ منَ الشَّهرِ، فلتَتْرُكْ قدرَ ذلك من الشَّهرِ، ثُمَّ تغتسِلُ، وتُصلِّي" (٥). قال: فأجابَها بذِكرِ عَددِ الأيام واللَّيالي، من غيرِ مسألةٍ، لها عن مِقدارِ حَيْضِها قبلَ ذلك. قال: وأكثرُ ما يَتناولُهُ أيامٌ عشَرةٌ، وأقلُّهُ ثلاثةٌ.

قال أبو عُمر: ليسَ هذا عِندِي حُجّةً تمنعُ من (٦) أن يكونَ الحيضُ أقلَّ من ثلاثٍ؛ لأَنَّهُ كلامٌ خَرجَ في امْرأةٍ قد عُلِمَ أنَّ حَيْضها أيامٌ، فخرَجَ جَوابُه (٧) على


(١) في م: "عدد".
(٢) كذلك.
(٣) شبه الجملة "لك" لم يرد في د ٤.
(٤) مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٦٥ (٨٦).
(٥) سلف بإسناده في هذا الباب، وانظر تخريجه في موضعه.
(٦) هذا الحرف سقط من ف ٣.
(٧) هذه الكلمة سقطت من ف ٣، وفي م: "جوابها".

<<  <  ج: ص:  >  >>