للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرأيتَ لو عجَزَ؟ بمعنى: تعاجَزَ عن فَرْضٍ آخرَ من فَرائضِ الله عزَّ وجلّ، فلم يُقِمهُ واستحمَقَ، فلم يأتِ به، أكان يُعذَرُ فيه؟ ونحوُ هذا من القولِ والمعنى.

والدَّليلُ على أنَّهُ قَدِ اعتدَّ بها ورآها لازِمةً لهُ، لأنَّهُ كان يُفتي أنَّ من طلَّقَ امرأتَهُ ثلاثًا في الحَيْضِ، لم تحِلَّ لهُ.

ولو جازَ أن تكون الطَّلقةُ الواحدةُ في الحَيْضِ لا يُعتدُّ بها، لكانتِ الثَّلاثُ أيضًا لا يُعتدُّ بها، وهذا ما لا إشكالَ فيه عند كلِّ ذي فَهْم.

أخبرنا أحمدُ بن محمدٍ وخلفُ بن أحمدَ، قالا: حدَّثنا أحمدُ بن مُصرِّفٍ، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بن يحيى، عن أبيهِ، عن اللَّيثِ بن سعدٍ، عن نافع: أنَّ عبد الله بن عُمرَ طلَّقَ امرأتَهُ وهي حائضٌ تَطْليقةً واحدةً، فأمرَهُ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُراجِعَها، ثُمَّ يُمْسِكَها حتّى تطهُرَ، ثُمَّ تحيضَ عندَهُ حَيْضةً أُخرى، ثُمَّ يُمْهِلَها حتّى تَطهُرَ من حَيْضتِها، فإذا أرادَ أن يُطلِّقها، فليُطلِّقها حينَ تَطْهُرُ من قبلِ أن يُجامِعها، فتلكَ العِدَّةُ التي أمرَ اللهُ أن يُطلَّقَ لها النِّساءُ.

قال: وكان عبدُ الله بن عُمرَ إذا سُئلَ عن ذلك، قال لأحَدِهِم: إذا أنتَ طلَّقت امرأتكَ وهي حائضٌ مرَّةً، أو مرَّتينِ فراجِعْها (١)، فإنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أمرَ بهذا، وإن كُنتَ طلَّقتها ثلاثًا، فقد حَرُمت عليكَ حتّى تنكِحَ زوجًا غيركَ، وعصيتَ اللهَ فيما أمرَكَ به من طَلاقِ امرأتِكَ (٢).

ورَوَى الشّافِعيُّ، قال (٣): أخبَرَنا مُسلِمُ بن خالدٍ، عن ابن جُرَيج: أنَّهُم أرسَلُوا إلى نافع يَسْألُونهُ: هل حُسِبَتْ تَطْليقةُ ابن عُمرَ على عَهدِ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: نعم.


(١) قوله: "فراجعها" سقط من الأصل.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ١٠/ ٢٤٢ (٦٠٦١)، والبخاري (٥٣٣٢)، ومسلم (١٤٧١)، ومسلم (٢١٨٠) من طريق الليث، به.
(٣) في مسنده، ص ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>