للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكَرْنا ما للعُلماءِ من التَّنازُع في وُجُوبِ النِّيَّةِ، والتَّبييتِ في صيام (١) الفَرْضِ والتَّطوُّع، في بابِ ابن شِهاب.

ذكَرَ عبدُ الرَّزّاقِ، قال (٢): أخبرنا ابنُ جُريج، قال: أخبرني مُزاحِمٌ، قال: خطَبَ عُمرُ بن عبدِ العزيزِ في خِلافتِهِ، فقال: انظُرُوا هِلالَ رَمَضانَ، فإن رأيتُمُوهُ فصُومُوا، وإن لم تَروهُ فأكمِلُوا ثلاثينَ يومًا. قال: وأصبَحَ النّاسُ منهُمُ الصّائمُ ومنهُمُ المُفطِرُ ولم يَرَوا الهِلالَ، فجاءَهُمُ الخبرُ بأنْ قد رُئي الهِلالُ، قال: فكلَّمَ النّاسُ عُمرَ، وبعَثَ الحرَسَ في العَسْكرِ: من أصبَحَ صائمًا، فليُتِمَّ صَوْمَهُ، فقد وُفِّق لهُ، ومن أصبَحَ مُفطِرًا لم يذُقْ شيئًا فليُتِمَّ بقيَّةَ يومِهِ، ومن كان طعِمَ شيئًا فليُتِمَّ ما بَقِي من يومِهِ، وليَقْضِ يومًا مكانَهُ، وإنِّي لَعِقتُ لَعْقًا من عَسَلٍ، فأنا صائمٌ بَقِيَّةَ يومي، ثُمَّ أُبدلُهُ بعدُ.

ورُوي عن ابن عُمرَ في معنى ما رواهُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، من قولِهِ: "فإن غُمَّ عَلَيكُم فاقدِرُوا لهُ" شيءٌ لم يُتابِعْهُ على تأويلِهِ ذلكَ فيما علِمتُ إلّا طاوُوسٌ وأحمدُ بن حَنْبل. ورُوي عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ مِثلُ ذلك، ورُوي عن عائشةَ نحوُهُ. وذلكَ أنَّ ابن عُمر كان يقولُ: إذا لم يُرَ الِهلالُ، ولم يَكُن في السَّماءِ غيمٌ ليلةَ ثلاثينَ من شعبانَ، وكان صحْوًا، أفطَرَ النّاسُ، ولم يصُومُوا، وإن كان في السَّماءِ غيمٌ في تلكَ اللَّيلةِ، أصبحَ النّاسُ صائمينَ، وأجزأهُم من رمضانَ، إن ثبتَ بعدُ أنَّ الشَّهرَ تِسعٌ وعِشرُونَ، ورُبَّما كان شعبانُ حينئذٍ تِسعًا وعِشرينَ (٣).

ورُوِيَ عن أسماءَ بنتِ أبي بكر: أنَّها كانت تصُومُ اليومَ الذي يُغَمَّى على النّاسِ فيه (٤).


(١) هذه اللفظة سقطت من الأصل.
(٢) في المصنَّف (٧٣٢١).
(٣) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه.
(٤) أخرجه البيهقي في الكبرى ٤/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>