للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كلُّهُ تحصيلُ مذهبِ مالكٍ وأصحابِهِ (١).

وأمّا الشّافِعيُّ، فأخبرنا أحمدُ بن محمدٍ بن أحمد، قال: حدَّثنا أحمدُ بن الفَضْل، قال: حدَّثنا محمدُ بن جَريرٍ، قال: أخبرنا الرَّبيعُ بن سُليمانَ، عن الشّافِعيِّ، قال (٢): في حديثِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "من باعَ نَخْلًا بعد أن تُؤَبَّر، فثَمَرُها للبائع، إلّا أن يَشْترِطَ (٣) المُبتاعُ" فائدتان:

إحداهُما (٤) لا تُشكِلُ: لأنَّ الحائطَ إذا بِيعَ وقد أُبِّر نَخْلُهُ، أنَّ الثَّمَرةَ لبائعه (٥)، إلّا أن يَشْترِطها المُبتاعُ، فتكونُ مِمّا وَقَعت عليه صَفْقةُ البيع، ويكونُ لهُ حِصَّةٌ من الثَّمنِ.

والثّانيةُ: أنَّ الحائطَ إذا بِيعَ، ولم يؤَبَّر نَخْلُهُ، فثمرُهُ للمُشْتري، لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إذ حدَّ فقال: "إذا أُبِّر فثَمرُهُ للبائع". فقد أخبرَ أنَّ حُكمهُ إذا لم يُؤَبَّر، غيرُ حُكمُهُ إذا أُبِّر (٦) فمن باعَ حائطًا لم يُؤَبَّر، فالثَّمَرةُ للمُشْتري بغيرِ شَرْطٍ استِدلالًا بالسُّنَّةِ.

وهُو قولُ اللَّيثِ بن سعدٍ، وداود بن عليٍّ، وأحمد بن حَنْبل والطَّبريِّ.

وقال الشّافِعيُّ: وكلُّ حائطٍ فلهُ حُكمُ نفسِهِ، لا حُكم غيرِهِ، فمن باعَ حائطًا لم يُؤَبَّر، فثَمرُهُ للمُشْتري، وإن أُبِّر غيرُهُ، ومن باعَ ثَمَرةً لم يبدُ صلاحُها في حائطٍ بعينِهِ، لم يجُز، وإن بَدا الصَّلاحُ في مِثلها، في غيرِهِ، لأنَّ كلَّ حائطٍ حُكمهُ بنفسِهِ لا بغيرِهِ.


(١) تنظر التفاصيل في البيان والتحصيل ٧/ ٣٠٥.
(٢) في الأم ٣/ ٤١.
(٣) في م: "يشترطها".
(٤) في الأصل: "أحدهما".
(٥) في م: "للبائع"، والمثبت من الأصل.
(٦) زاد هنا في الأم: "ولا يكون ما فيه إلا للبائع، أو للمشتري، لا لغيرهما، ولا موقوفًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>