للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو السَّوداءِ عَمرو (١) النَّهديُّ، عن ابن عبدِ خَيْرٍ، عن أبيهِ، قال: رأيتُ عليَّ بن أبي طالبٍ يَمْسحُ على ظُهُورِ قَدَميهِ، ويقولُ: لولا أنِّي رأيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يمسحُ ظُهُورهُما، لَظَننتُ أنَّ بُطُونهُما أحقُّ. قال الحُميديُّ: هذا منسُوخٌ (٢).

قال أبو عُمرَ: من أهلِ العِلم من يحمِلُ هذا على المسح على ظُهُورِ الخُفَّينِ، ويقولُ: معنى ذكرِ القَدَمينِ ههنا أن يكونا مُغيَّبينِ في الخُفَّينِ، فهذا هُو المسحُ الذي ثبتَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِعلُهُ، وأمّا المسحُ على القَدَمينِ، فلا يصِحُّ عنهُ بوَجْهٍ من الوُجُوهِ.

ومن قال: إنَّ هذا الحديث على ظاهِرِهِ، جعلهُ منسُوخًا، بقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ويلٌ للأعقابِ من النّارِ" (٣).

وسنذكُرُ أقاويل العُلماءِ في ذلكَ، والحُجَّةَ لهذا القولِ، عندَ ذِكرِ قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ويلٌ للأعْقابِ من النّارِ". في مُرسلاتِ مالك إن شاء الله تعالى.

والذي تأوَّلتُه في حديثِ علي هذا: أنَّهُ أرادَ بذكرِ القَدَمينِ إذا كانا في الخُفَّينِ، قد جاءَ منصُوصًا من طريق جيِّد.

أخبرنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٤): حدَّثنا محمدُ بن العلاءِ، قال: حدَّثنا حفصُ بن غياثٍ، قال: حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي إسحاقَ، عن عبدِ خيرٍ، عن عليٍّ قال: لو كانَ الدِّينُ بالرَّأيِ، لكانَ


(١) في م: "عمر" خطأ. وهو عمرو بن عمران، أبو السوداء النهدي. انظر: تهذيب الكمال ٢٢/ ١٧١.
(٢) نص قول الحميدي في مسنده: "إن كان على الخفين فهو سنة، وإن كان على غير الخفين فهو منسوخ".
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٢ (٣٦) من حديث عائشة.
(٤) في سننه (١٦٢، ١٦٤). ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ١/ ٢٩٢. وأخرجه أحمد في مسنده ٢/ ١٣٩، ٤١٤ (٧٣٧، ١٢٦٤)، والدارمي (٧٢١)، والنسائي في الكبرى ١/ ١٢٠ (١١٨)، والدارقطني في سننه ١/ ٣٧٨ (٧٨٣) من طريق الأعمش، به. وانظر: المسند الجامع ١٣/ ١٦٣ - ١٦٤ (١٠٠١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>