للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ عُمرَ قال لعبدِ الله بن عُمرَ: عمُّكَ أعلمُ منكَ، يعني سعد بن أبي وقّاصٍ، إذا أدخلتَ رجليكَ في الخُفَّينِ وهُما طاهرتانِ، فامسَحْ عليهما، وإن جئتَ من الغائطِ.

قال (١): وأخبرنا ابن جُرَيج، قال: أخبرني نافعٌ، عن ابن عُمرَ، قال: أنكرتُ على سعدِ بن أبي وقّاصٍ، وهو أميرٌ بالكُوفةِ المسحَ على الخُفَّين، فقال: أوَ عليَّ في ذلك بأسٌ؟ وهو مقيمٌ بالكُوفةِ، قال عبد الله: فلمّا قال ذلكَ، عرفتُ أنَّهُ يعلمُ من ذلكَ ما لا أعلمُ، فلم أرجِعْ إليه شيئًا، فلمّا الْتَقينا عندَ عُمرَ، قال سعدٌ (٢): اسْتَفتِ أباكَ فيما أنكرتَ عليَّ في شأنِ الخُفَّينِ، فقلتُ لهُ: أرأيتَ أحدَنا إذا توضَّأ وفي رِجْليهِ الخُفّانِ، في ذلكَ بأسٌ أن يمسَحَ عليهما؟ فقال عُمرُ: لا. فقلتُ: وإن ذهَبَ أحدُنا إلى الغائطِ، ليسَ عليه في ذلكَ بأسٌ أن يمسحَ عليهما؟ قال ابن جُرَيج: وأخبرنا أبو الزُّبير، قال: سمعتُ ابن عُمرَ يُحدِّث بمثل حديث نافع إيّاي، وزادَ عن عُمرَ: إذا أدخلتَ رِجْليكَ فيهما، وأنتَ طاهرٌ.

وكان ابن عُمرَ يُفتي بذلكَ، ويعمَلُ به إلى أن ماتَ، من رواية مالكٍ (٣)، عن نافع، عنه. ومن روايةِ ابن جُرَيج، ومَعْمرٍ، عن ابن شهاب عن سالم، عنه (٤).

ولا أعلمُ في الصَّحابةِ مُخالفًا، إلّا شيءٌ لا يصحُّ عن عائشةَ، وابن عبّاس، وأبي هُريرةَ، وقد رُوي عنهم من وجُوهٍ خلافُهُ في المسح على الخُفَّينِ، وكذلكَ لا أعلمُ في التّابعينَ أحدًا يُنكرُ ذلك، ولا في فُقهاء المسلمينَ، إلّا روايةً جاءت (٥)


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٧٦٢). والحديث في الموطأ ١/ ٧٧ (٨٠) من رواية مالك، عن نافع وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وسيأتي الكلام عليه مفصلًا في موضعه.
(٢) قوله: "قال سعد" في ض: "فقال".
(٣) أخرجه في الموطأ ١/ ٧٨ (٨١).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٧٦٦، ٧٦٧) عن ابن جريج ومعمر، به.
(٥) في م: "جابر" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>