للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قولُ مروانَ: تُرِكَ ما هُنالِكَ، وتُرِكَ ما تعلمُ: يدُلُّ على أنَّ تركهُ قد كان تقدَّمَ. وأولى ما قيلَ بهِ في هذا البابِ (١): أنَّ أوَّلَ من قدَّمَ الخُطبةَ قبل الصَّلاةِ في العيدينِ، مُعاويةُ، وهُو قولُ ابن شِهابٍ وغيره.

حدَّثنا عبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا مُطَّلِبُ بن شُعيبٍ، قال: أخبرنا عبدُ الله بن صالح، قال: حدَّثني اللَّيثُ، قال: حدَّثني هِشامُ بن سعيدٍ، عن عياضِ بن عبدِ الله بن سعدٍ (٢)، أنَّهُ حدَّثهُ، أنَّهُ سمِعَ أبا سعيدٍ الخُدْريَّ يقولُ: خرجتُ مع مروانَ يومًا إلى المُصلَّى ويَدُ مروانَ في يَدِي، فأراد أن يَرْقَى المِنْبرَ قبلَ أن يُصلِّي، فجذَبتُ بيدِهِ، فقلتُ: صلاةُ العيدِ قبل الخُطبةِ؟ فقال مروانُ: هذا أمرٌ قد تُرِكَ يا أبا سعيدٍ، أما لو فعَلْنا ما تقولُ، ذهبَ النّاسُ وتركُونا، وقد تُرِك ما تعلمُ. فقلتُ: إذَنْ لا تجِدُونَ خيرًا مِمّا أعلمُ، إنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبدَأُ بالصلاةِ في هذا اليوم، فإذا فرغَ من الصَّلاةِ، قامَ فوعَظَ النّاسَ، وأمرهُم ببعثٍ إن كانَ، أو أمْرٍ، ثُمَّ انصرفَ (٣).

قال أبو عُمر: ثبتَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ صلَّى في العيدَينِ قبلَ الخُطبةِ من حديثِ جابرٍ، وابنِ عبّاسٍ، وابنِ عُمرَ، والبراءِ (٤).

وهاتانِ المسألتانِ ليس عندَ مالكٍ فيهما حديثٌ مُسندٌ: مسألةُ الأذانِ في صلاةِ العيدَينِ، ومسألةُ تقديم الصلاةِ قبل الخُطبةِ في ذلك، وقد عدَّ ذلك عليهِ أبو بكرٍ البزّارُ، فيما ذكر لهُ من السُّننِ التي ليَسْت عِندهُ رحِمهُ اللهُ.


(١) في ر ١: "الحديث".
(٢) في ض، م: "بن سعيد" خطأ. انظر: تهذيب الكمال ٢٢/ ٥٦٧.
(٣) أخرجه البخاري (٩٥٦) من طريق زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله بن سعد، بنحوه، ومسلم (٨٨٩) من طريق داود بن قيس، عن عياض بن عبد الله، وينظر تمام تخريجه في كتابنا المسند المصنف المعلل ٢٨/ ١٦٦ - ١٦٩ (١٢٦١٨).
(٤) سلف تخريج أحاديثهم في هذا الباب، عدا حديث البراء حيث سيأتي تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>