للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوَى مَعْمرٌ، عن الزُّهْريِّ، عن سالم، قال: قِيلَ لابن عُمرَ: إنَّ ابنَ عبّاسٍ يُرَخِّصُ في مُتعةِ النِّساءِ، فقال: ما أظنُّ ابن عبّاسٍ (١) يقول هذا. قالوا: بلى، والله إنَّهُ لَيقولُه. قال: أما والله ما كان يقول ذلك في زَمَنِ عُمر، وإن كان عُمرُ ليُنكِّلُ في مثلِ هذا، وما أظُنُّه إلّا السِّفاحَ (٢).

واختلفَ الفُقهاء (٣) في معنى المُتعةِ في الرَّجُلِ يتزوَّجُ عَشَرةَ أيّام أو نحوَها إلى أجَل، نحوَ (٤) أن يقول: أتَزوَّجُكِ (٥) شهرًا، أو يقولَ: تُمتِّعيني بنفسِكِ بهذا الدِّينارِ شهرًا. فقال مالكٌ، والثَّوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُهُ، والشّافعيُّ، والأوزاعيُّ، كلُّهم يقولُ: هذا نكاحُ المُتعةِ، وهو باطلٌ، دخَلَ أو لم يدخُل، ويُفسَخُ قبلَ الدُّخُولِ وبعدَهُ، وهذهِ المُتْعةُ المحظُورةُ المُحَرَّمةُ (٦). وهو قولُ أحمد رحمهُ اللهُ، وأهلِ الحديثِ.

وقال زُفَرُ: إذا تزوَّجها عشرةَ أيّام، أو شهرًا، فالنِّكاحُ ثابتٌ، والشَّرطُ باطلٌ (٧).

وقالوا كلُّهم، ما خلا الأوزاعيَّ: إنَّهُ إذا نكحَ المرأةَ نِكاحًا صحيحًا بغير شَرْط، ولكنَّهُ نوى أن لا يَحْبسَها إلّا شهرًا، أو مُدَّةً معلُومةً، فإنَّه لا بأسَ بهِ، ولا تضُرُّه نيَّتهُ، إذا لم يَكُن ذلك من شُروطِ نكاحه (٨).


(١) من قوله: "يرخص" إلى هنا، سقط من ر ١، ض، م. انظر: مصدر التخريج.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٧/ ٥٠٢ (١٤٠٣٥) عن معمر، به.
(٣) في م: "العلماء".
(٤) في م: "يجوز"، وهو تحريف ظاهر.
(٥) في ض، م: "أتزوجها".
(٦) انظر: المدونة ٤/ ٤٧٧، والأم ٥/ ٨٥، ومختصر المزني ٨/ ٢٧٦، والبسوط للسرخسي ٥/ ١٥٢، والمغني لابن قدامة ٧/ ١٧٨.
(٧) المغني لابن قدامة ٧/ ١٧٨، والاستذكار ٥/ ٥٠٨.
(٨) نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>