للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثّاني: رُوي عن عُمرَ بن الخطّابِ، والحسنِ بن أبي الحسنِ: أنَّهُما كانا يتأوَّلانِ قولَه: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ}: أنَّهُ إذا تمتَّعَ بالعُقْدة (١)، ثُمَّ طلَّقها، فلها نصفُ الصَّداقِ، وإن وَطِئَ، فلها الصَّداقُ كلُّهُ، ولا جُناح عليهما فيما تراضَيا به من بعدِ الفَرِيضةِ، فتترُكُ (٢) المرأةُ للزَّوج الصَّداقَ، وهو قولُه: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)} [النساء: ٤] فتَعْفُو المرأةُ عن صَداقِها، أو يعفُو الزَّوجُ عن النِّصفِ، إن طلَّقَ قبل أن يَطَأها، فيُتِمُّ لها الصَّداقَ (٣).

وإلى هذا ذهَبَ جماعةٌ من أهلِ العلم، قالوا: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} بالنِّكاح والوَطْء: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٤] وهو الصَّداقُ كاملًا، وإن اسْتمتعتم بالنِّكاح، ولم تَطَؤوا، فنصفُ الصَّداقِ، وإنْ كُنتم قد سمَّيتم ذلك {فَرِيضَةً} يقول: أُجورُهنَّ فريضةٌ (٤) من الله عليكم: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: ٢٤] مثلَ قولِه: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧].

فهذان القولانِ عليهما أهلُ العلم إلى اليوم، في جميع أمْصارِ المُسلمينَ، مُخالفينَ لابن عبّاس في ذلك، على أنَّهُ قد رُوي عن ابن عبّاس:

أخبرنا عبدُ الوارِثِ بن سُفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ التِّرمذيُّ. وحدَّثنا خلفُ بن قاسم، قال: حدَّثنا عُمرُ بن محمدٍ بن (٥) القاسمُ، قال: حدَّثنا بكرُ بن سَهْل الدِّمياطيّ، قالا: حدَّثنا عبدُ الله بن صالح،


(١) في ض: "بالمعتدة".
(٢) في م: "فترك"، ولا يسوغ.
(٣) انظر: تفسير عبد الرزاق ١/ ١٥٤، وتفسير الطبري ٨/ ١٧٦، وتفسير ابن أبي حاتم ٣/ ٩١٩.
(٤) قوله: يقول: "أجورهنَّ فريضة" سقط من ر ١، ض.
(٥) هذا الحرف سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>