فلمَّا سقَطَتِ الشمسُ نُوديَ: أنِ الصَّلاةُ جامِعةٌ. ففَزِعَ الناسُ واجتَمعُوا إلى نَبيِّهم، فصلَّى بهم العصرَ أربعَ ركَعاتٍ، لا يُسمِعُهم فيهن قراءةً، وهي أخَفُّ، يؤُمُّ جبريلُ محمدًا، ويؤُمُّ محمدٌ الناسَ، يقتَدي محمدٌ بجبريلَ، ويقتَدِي الناسُ بمحمدٍ، ثم سلَّم جبريلُ على محمدٍ، وسلَّم محمدٌ على الناسِ. فلمَّا غابتِ الشمسُ نُودي: الصَّلاةُ جامِعةٌ، ففَزِعَ الناسُ، واجتَمَعُوا إلى نبيِّهم، فصلَّى بهم ثلاثَ رَكَعاتٍ؛ أسمَعَهمُ القراءَةَ في ركعتين، وسبَّحَ في الثالثة - يعني به: قامَ ولم يُظهِرِ القِراءَةَ - يؤُمُّ جبريلُ محمدًا، ويؤُمُّ محمدٌ الناسَ، ويقتَدي محمدٌ بجِبريلَ، ويقتَدِي الناسُ بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، ثم يُسَلِّمُ جبريلُ على محمدٍ، ويُسَلِّمُ محمدٌ على الناسِ. فلمَّا بدَتِ النُّجومُ نُوديَ: أنِ الصَّلاةُ جامِعةٌ. ففزِعَ الناسُ واجتمَعُوا إلى نبيِّهم، فصلَّى بهم أربَعَ ركَعاتٍ؛ أسمَعَهمُ القِراءةَ في ركعتين، وسبَّحَ في الأُخرَيينِ، يؤُمُّ جبريلُ محمدًا، ويؤُمُّ محمدٌ الناسَ، يقتدِي محمدٌ بجبريلَ، ويقتدِي الناسُ بمحمدٍ، ثم سلَّم جبريلُ على محمدٍ، وسلَّم محمدٌ على الناس. ثم رَقَدُوا ولا يدرُون أيُزادُون أم لا، حتى إذا طلَع الفَجرُ نُوديَ أنِ الصَّلاةُ جامعةٌ. ففَزِع الناسُ واجتمعُوا إلى نبيِّهم، فصلَّى بهم ركعتَينِ أسمَعَهم فيهما القِراءَةَ، يؤُمُّ جبريلُ محمدًا، ويؤُمُّ محمدٌ الناسَ، يقتدِي محمدٌ بجبريلَ، ويقتدِي الناسُ بمحمدٍ، ثم سلَّم جبريلُ على محمدٍ، وسلَّم محمدٌ على الناس. صلَّى اللهُ على جبريلَ ومحمدٍ، وسلَّمَ كثيرًا.
ففي هذا الخَبرِ أنَّ جبريلَ لم يُصلِّ الصَّلواتِ الخَمسَ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا مرَّةً واحدةً. وهو وإنْ كانَ مُرسلًا، فإنَّه حديثٌ حسنٌ مهذَّبٌ.
واحتَجُّوا أيضًا بما حدَّثنا عبدُ الوارِثِ بنُ سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زُهيرٍ (١) وعُبيدُ بنُ عبدِ الواحدِ، قالا: حدَّثنا أحمدُ بنُ
(١) في تاريخه الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة: السِّفر الثالث ١/ ١٧٧ (٤٢١)، وفي أخبار المكِّيِّين من تاريخه ١/ ٢١٠ (١١٦)، وهو في السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٢٤٣ عن محمد بن إسحاق، به.=