للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسمِعتُ قائلًا يقولُ: أحدُ الثَّلاثَةِ بين الرَّجُلين (١). فأُخذتُ، فشقَّ من نَحري إلى مَراقِّ بطنِي (٢)، واستَخرَجَ قلبي، ثم أُتيتُ بطَسْتٍ من ذهبٍ مملوءةٍ حِكمَةً وإيمانًا، فغُسِلَ قَلبي، وأُتيتُ بدابَّةٍ أبيضَ دُونَ البَغلِ وفَوقَ الحمارِ، وهو البُراقُ، فحُمِلتُ عليهِ، فانطَلَقَ بي جبرِيلُ حتى أتَينا (٣) سماءَ الدُّنيا، فاستفتحَ". وساقُوا الحديثَ بتَمامِه إلى قولِه: "ثم فُرضَت عليَّ الصلاةُ؛ خمسُونَ صلاةً كلَّ يوم، فأقبَلتُ فمررتُ على مُوسى، فقال: بمَ أُمرتَ؟ قُلتُ: أُمرتُ بخمسين صلاةً كلَّ يوم. قال: إنَّ أُمَّتكَ لا تستطيعُ خمسينَ صلاةً كلَّ يوم، وإنِّي قد خَبَرتُ (٤) الناسَ قبلَك، وعالجتُ بني إسرائيلَ أشدَّ المُعالجةِ، فارجِعْ إلى ربِّكَ فاسألهُ التَّخفيفَ لأمَّتِكَ. فرجَعتُ، فوضَع عني عشرًا وجعَلها أربعينَ، ثم مثلَه، ثم ثلاثينَ، ثم مثلَه فجعَلها عشرين، ثم مثلَه فجعَلها عشرًا. فأتَيتُ مُوسى، فقال مثلَه، فجعَلها خمسًا، فأتَيتُ مُوسى، فقال: ما صَنَعتَ؟ قُلتُ: جعَلها خمسًا. فقال مثلَه، فقلتُ: سلَّمتُ". وساقَ بقيُّ بنُ مخلَدٍ الألفاظَ بتمامِها، وتَردادَ المسألَةِ في ذلك، ولم يقُلْ: "ثم مثلَه، ثم مِثلَه". ثم قال هاهنا: "قد سألتُ ربِّي حتى استحيَيتُ، ولكنِّي أرضَى وأُسلِّمُ. فلما جاوزتُ نادَى مُنادٍ - وقال البخاريُّ: فنُوديَ. ثم اتَّفقا -: أنِّي قد أمضَيتُ فَريضَتي، وخَفَّفتُ عن عبادي".

ورَواه اللَّيثُ، عن يُونُسَ، عن ابنِ شهاب، عن أنس، عن أبي ذرٍّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَه (٥). وقتادةُ أحسنُ سياقَةً لهذا الحديثِ.


(١) قوله: "بين الرجلين" سقط من الأصلِ.
(٢) مراقُّ البَطْن: هو أسفله، وهو ما رَقَّ بن الجلد، واحدُها مَرَقٌّ. ينظر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض ١/ ٢٩٨، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ٢/ ٢٥٢.
(٣) في الأصل و م: "أتيت"، والمثبت من بقية النسخ وهو الموافق لما في الصحيح.
(٤) في م: "أخبرت".
(٥) أخرجه البخاري (٣٤٩). ويونس: هو ابن يزيد الأيليّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>