للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ومثلُه يدُلُّ على أنَّها الصلاةُ المعهودَةُ، وهي الخَمسُ المُفتَرضَةُ في الإسرَاءِ، لا صلاتانِ. ومن ادَّعى غيرَ ذلك كان عليه الدَّليلُ من كتابٍ أو سنَّةٍ، ولا سبيلَ له (١) إليه.

وقال جماعةٌ من أهلِ العِلم: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم تكنْ عليه صلاةٌ مفروضَةٌ قبلَ الإسراء، إلَّا ما كانَ أُمرَ به مِن صلاةِ اللَّيل على نحوِ قيام رمضانَ، من غيرِ توقيتٍ ولا تحديدٍ، لا لرَكعاتٍ معلُوماتٍ، ولا لوقتٍ محضُورٍ. وكان - صلى الله عليه وسلم - يقومُ أدنَى من ثُلثَي اللَّيلِ، ونصفَه، وثُلُثَه. وقام المسلمونَ معه نحوًا من حَولٍ، حتى شقَّ عليهم ذلك، فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ التَّوبَةَ عليهم، والتَّخفيفَ في ذلك، ونَسَخه وحطَّه (٢) بقولِه: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] فنَسَخَ آخرُ السُّورةِ أوَّلَها فضلًا منه ورحمةً، فلم تبقَ في الصَّلاةِ فريضةٌ إلَّا الخمسُ (٣). ألا ترى إلى حديثِ طلحَةَ بنِ عُبيدِ الله في الأعرَابيِّ النَّجديِّ، إذ سألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عمَّا عليه منَ الصَّلاةِ، فقال له: "الصَّلواتُ الخمسُ"، فقال: هل عليَّ غيرُها؟ قال: "لا" (٤).


(١) شبه الجملة سقط من الأصل.
(٢) هذه اللفظة من ج فقط.
(٣) ينظر: الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلّام ص ٢٥٦ (٤٦٧) و (٤٦٨)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ٢/ ٦١٤ - ٦١٥ فيما أخرجاه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذا المعنى.
(٤) أخرجه مالكٌ في الموطأ ١/ ٢٤٨ (٤٨٥) عن عمِّه أبي سُهيل بن مالك عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عُبيد الله يقول: فذكره.
ومن طريق مالكٌ أخرجه البخاري (٤٦) و (٢٦٧٨)، ومسلم (١١) (٨). وهو الحديث الثاني من أحاديث أبي سُهيل بن مالك عن عمّه، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلامٍ عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>