للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشجِّ، عن عبدِ الملكِ بنِ سعيدِ بنِ سُويدٍ السَّاعديِّ، أنَّه سَمِعَ أبا سعيدٍ الخُدريَّ يقولُ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّني جبريلُ في الصَّلاةِ؛ فصلَّى الظهرَ حين زاغَتِ الشَّمسُ، وصلَّى العصرَ حينَ كانت الشَّمسُ قامةً، وصلَّى المغربَ حينَ غابتِ الشَّمسُ، وصلَّى العشاءَ حينَ غابَ الشَّفقُ، وصلَّى الفجرَ حينَ طلَع الفجرُ. ثم جاءَ يومًا ثانيًا؛ فصلَّى الظهرَ وظلُّ كلِّ إنسَانٍ مثلُه، وصلَّى العصرَ والفَيءُ قامتانِ، وصلَّى المغربَ حينَ غرَبتِ الشَّمسُ في وقتٍ واحدٍ، وصلَّى العشاءَ ثُلُثَ اللَّيلِ، وصلَّى الصُّبحَ حينَ كادت الشَّمسُ أن تطلُعَ، ثم قال: الصَّلاةُ فيما بينَ هذينِ الوقتينِ" (١).

فهذا ما في إمَامَةِ جبريلَ النبيَّ عليهما السَّلامُ من صَحيح الآثارِ. ولا خِلافَ بينَ أهلِ العلم وجماعةِ أهلِ السِّيرِ أنَّ الصَّلاةَ إنَّما فُرضَتْ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمَكَّةَ في حينِ الإسراءِ، حينَ عُرجَ به إلى السَّماءِ. ولكنَّهمُ اختلَفُوا في هَيئتِها حينَ فُرضَتْ؛ فرُويَ عن عائِشَةَ أنَّها فُرضَت ركعتَينِ ركعتَينِ، ثمَّ زيدَ في صلاةِ الحَضَرِ فأُكمِلَتْ أربعًا، وأُقِرَّتْ صلاةُ السَّفَرِ على ركعَتينِ (٢). وبذلك قال الشَّعبيُّ، وميمُونُ بنُ مِهرَانَ، ومحمدُ بنُ إسحاقَ.


(١) أخرجه أحمد في المسند ١٧/ ٣٥٠ (١١٢٤٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٤٧ (٩٠١)، والطبراني في الكبير ٦/ ٣٧ (٥٤٤٣) من طرقٍ عن عبد الله بن لهيعة. وهو حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، فعبدُ الله بن لهيعة وإن كان ضعيفًا بسبب تخليطه بعد احتراق كتبه، إلّا أن إسحاق بن عيسى الطباع كما في مسند أحمد قد روى عنه قبل احتراق كتبه كما ذكر أحمد بن حنبل فيما نقله عنه ابن عديّ في الكامل ٤/ ١٤٥، وكما في تحرير التقريب (٣٥٦٣)، وباقي رجال الإسناد ثقات.
(٢) أخرجه مالكٌ في الموطأ ١/ ٢٠٩ (٣٩٠) عن صالح بن كيسان، عن عروة بن الزُّبير، عنها رضي الله عنها.
وأخرجه عن مالك البخاري (٣٥٠)، ومسلم (٦٨٥) (١). وهو ثاني أحاديث صالح بن كيسان عن عروة بن الزُّبير، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلامٍ عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>