للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسُف: إذا أحْرَم في الجمُعة قبلَ سلام الإمام، صلَّى ركعتَين. ورُوِيَ ذلك أيضًا عن إبراهيمَ النَّخَعيِّ، والحَكَم بن عُتَيْبَة، وحَمّادٍ (١). وهو قولُ داودَ (٢). واحتجُّوا بقول رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أدركْتُمْ فصلُّوا، وما فاتَكُم فأتمُّوا" (٣). وقد رُوِيَ: "ما فاتَكم فاقْضُوا" (٤). قالوا: والذي فات ركعتانِ لا أربَعٌ، ومَن أدرَكَ الإمامَ قبلَ سلامِه، فقد أدرَكَ؛ لأنَّه مأمورٌ بالدخولِ معه. ورُوِيَ عن محمدِ بنِ الحسنِ القولانِ جميعًا، ورُوِيَ عنه أيضًا أنَّه قال: يُصلِّي أربعًا؛ يقعُدُ في الثِّنتَينِ الأُوليَيْن بمقدارِ التّشهُّدِ، فإنْ لم يفعلْ أمَرْتُه أنْ يُعيدَ أربعًا.

قال أبو عُمر: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أدرَكْتم فصَلُّوا" (٥)، مع قولِ الجمهورِ فيمَنْ أدرَكَ الإمامَ قد رَفَعَ رأسَه من آخِرِ ركعةٍ: إنَّه يُصلِّي معَه السجدتَين والجُلوسَ، ولا يَعْتَدُّ بشيءٍ من ذلك، دليل على فَسادِ قول عبدِ العزيز بن أبي سَلَمةَ، حيث قال: إذا أدرَكَ الإمامَ يومَ الجمُعة في التشهدِ، قعَدَ بغيرِ تكبيرٍ، فإذا سلَّمَ الإمامُ قامَ وكبَّرَ ودخَلَ في صلاةِ نفسِه. قال: وإنْ قَعَدَ مع الإمام بتَكبيرٍ، سلَّمَ إذا فَرَغَ


(١) انظر: شرح مشكل الآثار للطحاوي بإثر الحديث (٢٣٢٢)، ومعالم السنن الخطابي ١/ ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٢) انظر: المحلى لابن حزم ٣/ ٢٨٣.
(٣) هو في الموطأ ١/ ١١٥ (١٧٥).
(٤) أخرجه بهذا اللفظ عبد الرزاق (٣٣٩٩)، وعنه أحمد ١٣/ ٩٧ (٧٦٦٤) عن معمر بن راشد، والحميدي (٩٣٥)، وابن أبي شيبة ٢/ ٣٥٨ (٧٤٧٨)، وأحمد ١٢/ ١٩٢ (٧٢٥٠)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (١١٤) و (١١٥)، والنسائي (٨٦١)، وابن الجارود (٣٠٥)، والسرّاج في مسنده (٨٩٢)، والطحاوي في أحكام القرآن (٢٢٥)، وابن حبان (٢١٤٥)، وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (١٣٣٣) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم من طريق سفيان بن عيينة، لكنه لم يُسق لفظه (٦٠٢). وأخرجه أيضًا (٦٠٢) من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة، لكن بلفظ: "صل ما أدركت واقض ما سبقك".
(٥) يعني في حديث أبي هريرة الذي في الموطأ ١/ ١١٥ (١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>