للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغيرِهم، ولما مُنِعُوه، والذي ذهَب إليه إسماعيلُ تخصيصُ آيةِ "الأنفالِ" في قولِه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١]. وأنَّ هذا لفظُ عموم بقولِه: {مِنْ شَيْءٍ} يرادُ به الخصوصُ، والمرادُ بذلك عندَه الذَّهبُ والفضَّةُ وسائرُ الأمتعةِ والسَّبْيُ، وأمَّا الأرضُ فغيرُ داخلةٍ في عموم هذا اللفظِ. واستدلَّ على ما ذهَب إليه مِن ذلك بأشياءَ؛ منها: ظاهرُ قولِه عزَّ وجلَّ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} الآيةَ إلى قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}، إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: ٧ - ١٠]. ومنها: فعلُ عمرَ بنِ الخطَّابِ في توقيفِه أرضَ السوادِ. ومنها: أنَّ الغنائمَ التي أُحِلَّت للمسلمين هي التي كانت محرَّمةً على الأمم قبلَهم، وهي التي كانت النارُ تأكُلُها.

قال: ولم تختلفِ الرِّوايةُ في أنَّ هارونَ عليه السَّلامُ أمَر بَني إسرائيلَ أن يَحرِقوا ما كان بأيديهم مِن متاع فرعونَ، فجمَعوه وأحرَقوه، وألقَى السَّامريُّ فيه (١) القبضةَ التي كانت بيدِه مِن أثَرِ الرسولِ، يقالُ: مِن أثرِ جبريلَ عليه السلامُ، فصارت عِجلًا له خُوارٌ. ومعلومٌ أنَّ الأرضَ لم تجْرِ هذا المجرَى؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} [الأعراف: ١٣٧]، وقال: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الدخان: ٢٥ - ٢٨].

وهذا الذي ذهَب إليه إسماعيلُ واحتجَّ له هو مذهبُ مالكٍ وأصحابِه، وهو الصَّحيحُ في هذا البابِ إن شاء اللهُ، لأنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ لم يقسِمْ أرضَ


(١) شبه الجملة لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>