للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالا: أمّا شيءٌ يُذهِبُه فلا، ولكنّا نُداوِيه دواءً يَقِفُه فلا يَزيدُ. قال عمرُ: عافيةٌ عظيمةٌ. قالا: هل تُنبِتُ أرضُك هذا الحَنْظَلَ؟ قال: نعم. قالا: فاجمَعْ لنا منه. قال: فأمَر عمرُ، فجُمِع منه مِكْتَلان عظيمان (١)، فأخَذا كلَّ حَنظَلَةٍ فشقّاها باثنين، ثم أخَذ كلُّ واحدٍ منهما بقَدم مُعَيقيب، فجَعَلا يَدْلُكان بطُونَ قدمَيْه، حتى إذا امَّحَقتْ طرَحاها وأخَذا أُخرى، حتى رأينا مُعَيقيبًا يتَنَخَّمُه أخضرَ مُرًّا، ثم أرسلاه. قال: فواللَّه ما زال مُعَيقِيبٌ منها مُتماسكًا حتى مات (٢).

قال أبو عُمر: فهذا محمودُ بنُ لَبيدٍ يحكي عن جماعةٍ أنّهم حدَّثوه عن عبدِ اللَّه بنِ جعفرٍ بما أنكَره ابنُ جعفرٍ ولم يعرِفْه، بل عرَف ضِدَّه، وهذا في زمنٍ فيه الصَّحابةُ، فما ظَنُّك بمَنْ بعدَهم؟ وقد تقدَّم في هذا الباب عن ابنِ عبّاسٍ في عصرِه نحوُ هذا المعنى.

حدَّثنا خلفُ بنُ أحمد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدِ بنِ حزم، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ خالد، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح (٣)، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ سعد، قال: حدَّثنا عمِّي سعيدُ بنُ أبي مريم، عن اللَّيثِ بنِ سعد، قال: قدِم علينا رجلٌ من أهلِ المدينة يريدُ الإسكندريّةَ مُرابطًا، فنزَل على جعفرِ بنِ ربيعة، قال: فعرَضوا له بالحُمْلان (٤)، وعرَضوا له بالمَعونَة، فلم يَقبَل، واجتَمع هو وأصحابُنا؛ يَزيدُ بنُ أبي حبيبٍ وغيرُه، فأقبَل يحدِّثهم: حدَّثني نافعٌ، عن عبدِ اللَّه بنِ عمر، عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: فجمَعوا تلك الأحاديث، وكتَبوا بها إلى ابنِ نافع، وقالوا له: إنَّ رجلًا قدِم علينا، وخرَج إلى الإسكندريّةِ مُرابطًا، وحدَّثنا، فأحْبَبنا ألا يكونَ بينَنا وبينَك


(١) في الأصل، ق: "مكتلتين عظيمتين"، والمثبت من ف ١.
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤/ ١١٠، والطبري في تهذيب الآثار - مسند علي ٢٩ (٧٤) -مختصرًا- من طريق محمد بن إسحاق، به.
(٣) هو محمد بن وضّاح بن بزيع المرواني.
(٤) الحُمْلان: ما يُحمل عليه من الدوابّ في الهِبة خاصّة. ينظر: العين ٣/ ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>