للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا قرَأ معاويةُ الكتابَ قال: أخْزاه الله، وما علمِي بما هاهنا؟ فقِيلَ له: اكتُبْ إلى ابنِ عباس، فسَلْه. فكتَب إليه يسألُه، فكتَبَ إليه ابنُ عباس: إنَّ (١) أفضلَ الكلام "لا إلهَ إلّا الله" كلمَةُ الإخْلاص، لا يُقبلُ عملٌ إلَّا بها، والتي تَليها "سبحانَ الله وبحَمدِه" أحبُّ الكلام إلى الله (٢)، والتي تَلِيها "الحمدُ لله" كلمَةُ الشُّكرِ، والتي تليها "الله أكبرُ" فاتِحةُ الصَّلواتِ والرُّكُوع والسُّجُودِ، وأكرَمُ الخلْقِ على الله آدمُ عليه السَّلامُ، وأكرَمُ الإماء على الله مريَمُ، وأمَّا الأربعةُ التي لم يرْكُضُوا في رحم؛ فآدمُ، وحوَّاءُ، والكَبشُ الذي فُدِيَ به إسماعيلُ (٣)، وعصَا مُوسَى حيثُ ألقَاها فصارَت ثُعبانًا مُبينًا، وأمَّا القبرُ الذي سارَ بصاحبه فالحُوتُ حينَ التقَمَ يُونُسَ، وأمَّا المَجرَّةُ فبابُ السَّماء، وأمَّا القوسُ فإنها أمانٌ لأهلِ الأرضِ مِن الغرَقِ بعدَ قوم نوح، وأمَّا المكانُ الذي طلَعَت فيه الشمسُ، ولم تطْلُعْ قبلَه ولا بعدَه، فالمكانُ الذي انفرَجَ مِن البحرِ لبَني إسرائيلَ.

فلمَّا قدِمَ عليه الكتابُ أرسَلَ به إلى صاحِبِ الرُّوم، فقال: لقد علمتُ أنَّ معاوَيةَ لم يكُنْ له بهذا علمٌ, وما أصابَ هذا إلَّا رجلٌ مِن أهلِ بيتِ النُّبوَّة (٤).

ومِن الحجَّةِ لقولِ ابنِ عباسٍ في تفضِيلِ "سُبحانَ الله" ما حدَّثنا سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضَّاح (٥)، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ بنُ أبي شَيْبةَ، قال (٦): حدَّثنا يحيَى بنُ أبي بُكير، عن شُعْبةَ، عن


(١) لم يرد حرف التوكيد هذا في د ١.
(٢) في د ١: "صلاة الخلق" بدلًا من "أحبُّ الكلام إلى الله" التي أثبتناها من ق.
(٣) في ق: "الذي فَدَى به إبراهيمُ".
(٤) آثار الوضع ظاهرة عليه.
(٥) هو محمد بن وضّاح بن بزيع، مولى عبد الرحمن بن معاوية.
(٦) في المصنَّف (٣٠٠٣١)، وأخرجه عنه مسلم (٢٧٣١)، وهو عند أحمد في المسند ٣٥/ ٢٤٨ (٢١٣٢٠) و (٢١٤٢٩)، والبخاري في الأدب المفرد (٦٣٨)، والبزار في مسنده (٣٩٦٧) من طرقٍ عن شعبة بن الحجّاج، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>