للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وحدَّثنا عبدُ الصمدِ (١)، قال: حدَّثنا أبو هلالٍ، قال: ما دخَلنا على الحسن قطُّ إلّا وقِدْرُه تفورُ بلحمٍ طيِّبَةِ الرِّيح. قال: ودخَلتُ يومًا على محمدٍ وهو يأكُلُ مُتّكئًا من سَمَكٍ صِغارٍ.

وفي هذا الحديث أيضًا: أنَّ الصدقةَ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأكُلُها، وكان يأكُلُ الهَدِيَّة. وأجمَع العلماءُ أنَّ الصدقةَ كانت لا تَحِلُّ له على لسانِه - صلى الله عليه وسلم -، ثبَتَ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "إنَّ الصدقةَ لا تَحِلُّ لمحمدٍ، ولا لآلِ محمدٍ" (٢). وأنَّه كان يأكُلُ الهديَّةَ، ولا يأكُلُ الصدقةَ.

حدَّثنا خلفُ بنُ القاسم، قال: حدَّثنا أبو طالب محمدُ بنُ زكريا المقدسيُّ، قال: حدَّثنا عُبيدُ بنُ الغازي أبو ذُهْل، قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ النَّبيلُ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحمن، عن ابنِ أبي مُليكةَ، عن ابن عباسٍ، عن عائشةَ، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقبلُ الهدِيَّةَ ولا يَقبلُ الصدقة (٣).

وقالت طائفةٌ من أهل العلم: إنَّ صدَقةَ التَّطوُّعِ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتنزَّهُ عنها، ولم تكنْ عليه مُحَرَّمَةً.

وقال آخرونَ، وهم أكثرُ أهل العلم: كلُّ صدقةٍ فداخلةٌ تحت قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الصدقةَ لا تَحِلُّ لنا" (٤). واستَدَلُّوا بأنَّه كان - صلى الله عليه وسلم - لا يأكُلُ صدقةَ التَّطوُّع. وقالوا في اللَّحم الذي تُصُدِّقَ به على بَريرةَ: إنّه كان من صَدَقات التَّطوُّع؛ لأنَّ


(١) هو عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد. وشيخه أبو هلال: هو الراسبي، محمد بن سُليم البصري.
(٢) سيأتي بإسناد المصنف مع تخريجه.
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١/ ٣٨٨ عن أبي عاصم الضحّاك بن مخلد النبيل، به.
محمد بن عبد الرحمن: هو ابن المغيرة بن أبي ذئب القرشي. وابن أبي مُليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُليكة المدني.
(٤) سيأتي تخريجه بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>