للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام أحمد عن الضحاك بن فيروز عن أبيه قال: أسلمت وعندي امرأتان أختان فأمرنى النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق إحداهما» «١» .

وكما أنه يحرم الجمع بين الأختين في عصمة رجل واحد، فكذلك يحرم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها لنهى النبي- صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقد جاء في صحيح مسلم وفي سنن أبى داود والترمذي والنسائي عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها» .

وفي رواية الطبراني أنه قال: «فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم» «٢» والسر في تحريم هذا النوع من النكاح أنه يؤدى إلى تقطيع الأرحام- كما جاء في الحديث الشريف- إذ من شأن الضرائر أن يكون بينهن من الكراهية وتبادل الأذى ما هو مشاهد ومعلوم. فكان من رحمة الله بعباده أن حرم عليهم هذه الأنواع من الأنكحة السابقة صيانة للأسرة من التمزق والتشتت، وحماية لها من الضعف والوهن، وسموا بها عن مواطن الريبة والغيرة والفساد وقد عفا- سبحانه- عما حدث من هذه الأنكحة الفاسدة في الجاهلية أو قبل نزول هذه الآية الكريمة بتحريمها، لأنه- سبحانه- كان وما زال غفارا للذنوب، ستارا للعيوب، رحيما بعباده، ومن رحمته بهم أنه لا يعذبهم من غير نذير، ولا يؤاخذهم على ما اكتسبوا إلا بعد بيان واضح.

ثم بين- سبحانه- نوعا سابعا من المحرمات فقال: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.

وقوله وَالْمُحْصَناتُ من الإحصان وهو في اللغة بمعنى المنع. يقال: هذه درع حصينة، أى مانعة صاحبها من الجراحة. ويقال: هذا موضع حصين، أى مانع من يريده بسوء. ويقال امرأة حصينة أى مانعة نفسها من كل فاحشة بسبب عفتها أو حريتها أو زواجها.

قال الراغب: ويقال حصان للمرأة العفيفة ولذات الحرمة. قال- تعالى-: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها وقال- تعالى- فَإِذا أُحْصِنَّ أى تزوجن. وأحصن زوجن.

والحصان في الجملة: المرأة المحصنة إما بعفتها أو بتزوجها أو بمانع من شرفها وحريتها» «٣» والمراد بالمحصنات هنا: ذوات الأزواج من النساء.


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٤٧٢.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٤ ص ٤٦١.
(٣) المفردات في غريب القرآن ص ١٢١ للراغب الأصفهاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>