للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن المعنى في (فَسَيَرَى اللَّهُ) أنهم يجازون على أعمالهم جزاء هو ثواب أو عقاب، كما يعرف عريف الجيش من هو عليهم بحلاهم وصفاتهم.

وعلى هذا تقول لمن توعد: قد علمت ما صنعت، لا تريد أن تفيده أنك فهمته، ولكن توعده وتهدده بالجزاء عليه.

وكذلك قوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) «١» أي: يرى الجزاء عليه، / وليس يراد به الرؤية التي هي إدراك البصر ألا ترى أن في الجزاء وفي الثواب أو العقاب ما لا يعلم بإدراك البصر.

ومثله قوله تعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) «٢» أي:

يجازيهم عليه.

وكذلك قراءة من قرأ: (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) «٣» .

أي: جازى على بعض، وهو إفشاء السر، الذي كان أسره- عليه السلام- إلى بعض أزواجه، وأعرض عن بعض ما أغضى عنه، ولم يخبر به.

وليس المعنى على أنه عرف ذلك عرفاناً، ألا ترى أنه- عليه السلام- عرف جميع ما أسره، ولا يجوز أن يكون عرف بعضاً، ولم يعرف بعضاً.

فكما أن هذه الآي على الجزاء، فكذلك (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) «٤» .


(١) الزلزلة: ٧.
(٢) النساء: ٦٣.
(٣) التحريم: ٣.
(٤) التوبة: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>