وفي لفظ لغيره من حديث يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: نعمتان الناس فيهما متغابنون، الصحة والفراغ، وفي الباب عن أنس وغيره، وكان الحسن البصري يقول: ابن آدم نعمتان عظيمتان المغبون فيهما كثير، الصحة والفراغ، فمهلا مهلا الثواء ههنا قليل، في حديث ذكره أخرجه العسكري، وقال: الصحة عند بعضهم الشباب قال: والعرب تجعل مكان الصحة الشباب، كما قالوا: بالقلب الفارغ والشباب المقبل تكسب الآثام، وكان يقال: إن لم يكن الشغل محمدة فإن الفراغ مفسدة، ولا تفرغ قلبك من فكر، ولا ولدك من تأديب، ولا عبدك من مصلحة، فإن القلب الفارغ يبحث عن السوء، واليد الفارغة تنازع إلى الآثام، وقال أبو العتاهية:
علمت يا مجاشع بن مسعدة … أن الشباب والفراغ والجدة … مفسدة للمرء أي مفسدة
وعن بعضهم بلفظ: للدين بدل: للمرء، ونقل البيهقي في الحادي والسبعين من الشعب لأبي عصمة محمد بن أحمد السختياني:
أبلغنا خير بني آدم … وما على أحمد إلا البلاغ
الناس مغبونون في نعمة … صحة أبدانهم والفراغ
قال العسكري: وسمعت أبا بكر ابن دريد يقول: إن أفضل النعم العافية والكفاية، لأن الإنسان لا يكون فارغا حتى يكون مكتفيا، والعافية هي الصحة، ومن عوفي وكفي فقد عظمت عليه النعمة، ومن كلمات بعض الصوفية: سيروا إلى اللَّه عرجا ومكاسير، ولا تنتظروا الصحة فإن الصحة بطالة.